غير مصنف

زواج الأقارب ..أخطار لا يدركها الكثيرون !!

تشوهاتظاهرة هي منتشرة في مجتمعنا اليمني وبقدر ما فيها من الإيجابيات وفق أقوال الكثير إلا أنها تحمل الكثير من المخاطر الكارثية على الفرد الأسرة والمجتمع ومع هذا فإن تلك المخاطر لا يعلمها الكثير .

الهوية وفي تحقيقها لهذا العدد حاولنا ملياً الوقوف على حقيقة مخاطر زواج الأقارب والتي يتحدث عن الأطباء والباحثين حيث وجدنا الكثير من الحقائق المدهشة والتي خلقت لدينا ولدى أصحاب البحوث جملة من التساؤلات حول كيفية تكون تلك المخاطر.

فيا ترى ما حجم تلك المخاطر ؟ ولماذا لم نسمع بها إلا في وقتنا الحالي حالياً وعلى من تقع مسؤولية التوعية للمجتمع بتلك المخاطر وما هو الدور الذي تقوم به الدولة والحكومة تلك هذه المخاطر ؟ كل هذه الأسئلة وغيرها عملنا على البحث عن إجابة لها فكانت الحصيلة التالية :-

الهوية / قسم التحقيقات  

أمراض وراثية .. أبرزها تكسر الدم عند الأطفال !!

كشفت آخر التقارير الطبية والدراسات البحثية التي حصلت عليها الهوية عن الكثير من المخاطر الغير مدركة لزواج الأقارب في مجتمعنا اليمني حيث أوضحت إحدى الدراسات أن الأمراض الوراثية الشائعة كثيرة وهي تختلف من مجتمع إلى آخر أو بالأصح من أسرة إلى أخرى باختلاف أسبابها .. ويعد زواج الأقارب أحد الأسباب الرئيسية لتلك الأمراض إن لم يكن سبباً رئيسياً لها وبالتالي فإن هذا النوع من الزواج في أغلب الحالات يحمل معه الكثير من المخاطر الصحية إضافة إلى المشاكل الاجتماعية بحسب رأي الأطباء وأساتذة علم الاجتماع لكن رغم ذلك مازال زواج الأقارب أكثر شيوعاً في مجتمعنا اليمني تحت مبررات واهية كالحفاظ على النسل وحصره في أسرة واحدة أو بحكم العادات والتقاليد والأعراف القائلة (ابن عمها أولى بها) أو (من ذبح من ديمته ماخسر) الخ..

ولذا نجد الكثير من تلك الأسر يعاني أطفالها أمراضا وراثية كثيرة، أخطرها تكسرات الدم والتشوهات الخلقية.

وتؤكد الدراسات إن السبب الرئيسي في ذلك هو غياب الوعي الصحي لدى الكثير من أبناء المجتمع بأهمية الفحص قبل الزواج لتفادي تلك المخاطر..

ماذا قال الأطباء عن مخاطر  زواج  الأقارب ؟
إلى ذلك قال عدد من خبراء الطب إن الأمراض الوراثية وعلاقة بعضها بزواج الأقارب كثيرة منها تكسرات الدم  والعيوب الخلقية والأمراض أحادية الجينات الشائعة والشفة الأرنبية والمنغولية وهناك أمراض وراثية أخرى مثل تدني السكر وتأخر النمو وتضخم الطحال والتخلف العقلي  والمرض الجلدي المسمى الانحلال الفقاعي الجلدي.

كما أضافوا أن هناك أسبابا مشتركة مثل فقر الدم والأنيميا وخلل في الجينات.

من أسباب الأمراض الوراثية
وهناك أمراض مصاحبة للحمل تعمل على تشوهات الجنين مثل جرثومة القطط وهي نادرة وجرثومة الروبلا وهذه يجرى لها فحص شامل يسمى التورس  وإن نسبة الأمراض الوراثية تتزايد خاصة في زواج الأقارب وبالدرجة الأولى بين أولاد العم وأولاد الخال وتزيد النسبة عن 60% ومن الأمراض الوراثية الضعف العقلي الفصام التأخر في النمو الانطوائية تقزم البنية ..الخ

من الأسباب .. تشوهات الفك والحنك

في هذا الجانب تحدث د. صلاح عبد الغني ـ طبيب بمركز الحروق والتجميل بمستشفى الثورة عن أسباب التشوهات الخلقية بالقول:
أحد أسباب التشوهات الخلقية الرئيسية هو زواج الأقارب وبالذات تشوهات الفك الأرنبية والحنك وهذا بحسب ما يصل إلينا من تلك الأمراض أيضاً هناك أسباب أخرى تتمثل في العلاج المستخدم في مراحل الحمل الأولى ولكن الأكثر شيوعاً بالنسبة للأطفال الذين لديهم تشوهات خلقية في الفك والحنك هو بسبب زواج الأقارب كذلك بسبب تغير الجينات.

طفلان مصابان من كل أسرة لديها خمسة أطفال!!

أما بخصوص معدل الأطفال الذين يحدث لهم تشوهات في الأسرة المتزوجة من الأقارب فيقول د. صلاح: علمياً لا نستطع الجزم ولكن قد يكون هناك طفلان مشوهان في الأسرة المكونة من خمسة أطفال.
وأكد أن الفحص قبل الزواج يكون لمعرفة الأمراض الوراثية كمرض الدم، وليس للتشوهات الخلقية وتنصح بعدم التزاوج من الأقارب.

من جانبه قال د. خالد النهاري : أمين عام جمعية أصدقاء مرضى الدم في محافظة تعز في حديث صحفي له نشر قبل أيام ..
إن أمراض الدم من الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب أو إصابة أحد الأبوين بهذه الأمراض المتمثلة بمرض فقر الدم المنجلي “S.C.A” ومرض الثلاسيميا والثلاسيميا المنجلية وغالباً ما يكون الأبناء هم الضحية حيث يصابون بمرض فقر الدم المنجلي، والذي بدوره يؤدي إلى تكسرات الدم مما يجعل الطفل بحاجة ماسة إلى الدم طوال حياته إذا قدر له أن يعيش وذكر النهاري أن هناك في جمعية أصدقاء مرض الدم ما يزيد عن “3000” حالة مصابة بمرض تكسرات الدم أغلبهم من الأطفال أعمارهم من الشهر السادس وحتى العشر سنوات.
وأرجع النهاري سبب هذا العدد الهائل من الأطفال المصابين لعدم قيام الأبوين بالفحص الطبي قبل الزواج خاصة إذا كان هذا الزواج من الأقارب..

فيما تقول التقارير الخاصة أن أكثر من عشرة آلاف طفل في اليمن مصابون بأمراض تكسر الدم غير أن معظم هؤلاء هم أبناء لأسر تزوجت من الأقارب .

ماذا يقول المجتمع عن المخاطر  !!

أكد العديد من المواطنين ممن تعرض أولادهم أو أحفادهم لمخاطر زواج الأقارب في أحاديث لهم نسرد مقتطفات منها: أن الوعي بتلك المخاطر لا يزال قليلا وأن الكثير من تلك المخاطر لم يكتشفوها إلا بعد فوات الأوان.

حيث قال المواطن عبده قاسم الشرعبي ـ تعاني ابنتي ذو الخمسة أعوام مرض تكسر الدم والذي ظهرت علاماته قبل سنة تقريباً وعندما ذهبت بها إلى الطبيب أخبرني بأن مرضها وراثي بسبب زواج الأقارب وأنا متزوج من الأقارب وقبل ذلك لم أكن أعرف عن الأمراض الوراثية أي شيء وها أنا أشتري لها دم كل ستة أشهر أو حسب الطلب.
وأضاف الشرعبي لدي  9 أبناء ثلاثة أطفال منهم أصيبوا بمرض تكسر الدم الوراثي واحد من هؤلاء الثلاثة قد توفي وبقي لدي اثنان مازلت أعمل على علاجهما.
أما المواطن أبو معاذ ـ رجل في العقد الرابع من عمره، يقول : مررت بتجربة زواج الأقارب منذ 16سنة  وخلال هذه السنوات عانيت الأمرين، وفي النهاية وصلت إلى مرحلة الطلاق كانت الحياة الزوجية تعيسة إلى أبعد حد حياة مليئة بالمشاكل والهموم.
سلبيات وإيجابيات
من جهته يقول عبد الرؤوف الحذيفي ـ والذي يعمل مدرساً إن زواج الأقارب فيه سلبيات وإيجابيات لكن السلبيات تطغى على الإيجابيات ولذلك من وجهة نظري فإنه يفضل عدم الزواج من الأقارب ..
ويضيف أن زواج الأقارب تنتج عنه مشاكل صحية كثيرة وأيضاً مشاكل اجتماعية الأمر الذي يؤدي أحياناً إلى تفكك الأسرة في حالة وصول الزوجين إلى الانفصال مثلاً.

فيما رأى المواطن محمد قائد ـ يعمل فني صيدلي بأن زواج الأقارب عقارب بحسب المثل الشعبي وقد ثبت علمياً أن 5 %من الأمراض الوراثية تنتقل وراثياً كتكسر الدم  والسكري والضغط والصرع والتشوهات الخلقية ولذا يجب أولاً الفحص الدوري للعائلة وكذلك للمتزوجين من الأقارب.
من جانبه قال د. إبراهيم طاهر مهيوب ـ فني تخدير: أفضل عدم الزواج من الأقارب وذلك لعدة أسباب منها مشاكل اجتماعية ومشاكل صحية.

ما هي أمراض الدم؟ وأسبابها وأعراضها ؟
وقال إن أمراض تكسر الدم تعد من أمراض كريات الدم الحمراء  فهي شائعة وأسبابها وراثية  وغير وراثية .. وهذه الأمراض تصيب السلاسل التي تتركب منها البروتينات التي تتشكل منها كريات الدم الحمراء  ومعظمها أمراض وراثية  وهي شائعة في بلادنا والسبب زواج الأقارب
وقال ان من الأعراض المصاحبة لمرض تكسر الدم إصابة الأطفال بتورم الأطراف والأصابع وتسمى متلازمة اليد القدم وتبول الطفل دماً.
وفقر الدم الحاد والمزمن.
فمثلاً إذا أصيب الطفل بالتمندل في الأطراف وخاصة بالمفاصل يصبح غير قادر على الحركة أي عاجزاً وإذا أصيب بالعينين يصبح أعمى وإذا أصيب بالرئتين نتيجة الانتانات هذا يؤدي إلى الوفاة وأكثر وفيات فقر الدم المنجلي هي بسبب الانتانات الصدرية.
وأختتم بالقول ليس بالضرورة أن يكون زواج الأقارب هو السبب الرئيسي  ولكن أي شخص حامل للمرض حتى وإن تزوج من غير الأقارب قد ينقل هذا المرض للأبناء والأهم من هذا كله سواء زواج الأقارب أو الأباعد هو إجراء الفحوصات الطبية الوراثية قبل الزواج وهذه الفحوصات صارت الآن سهلة ومتوفرة.
زواج الأقارب ومسبباته وحكم الإسلام !!
وفي هذا الجانب تقول الدراسات والأبحاث إن هناك من الأسر والعشائر والقبائل من تمنع أبناءها وبناتها من الزواج خارج القبيلة أو العشيرة تحت مبررات الحفاظ على النسل وحصره في أسرة واحدة أو بغرض الحفاظ على ميراث العائلة فيما بينها والسؤال هنا ما هو الحكم الشرعي إزاء هذه التصرفات ؟
وقد رد على هذا السؤال أ / عبد العزيز العسالي ـ باحث في الفكر الإسلامي بقوله :
أولاً :إطلاق الحكم الشرعي إزاء هذه التصرفات يحتاج إلى شيء من التمهيد والإيضاح بحسب الدوافع  فهناك بعض الطوائف أو الشرائح الاجتماعية ترى أنها مفضلة عرقياً وسلالياً ووصل بها التعصب المقيت الناجم عن نفوس منقوصة معوجة إلى حد تحريم الزواج بين أبناء العم  لأن هذا العم تنازل عن حقه في التاريخ الغابر في حين أن أخاه خرج باحثاً عن حقه الشرعي في الحكم والسلطان وبالتالي فإن أبناء المتنازل عن حقه من الذكور لا يجوز لهم الزواج من بنات عمهم المكافح في سبيل سلطانه.
والغريب أن هذا يوجد في اليمن لدى بعض البطون من هذه الشريحة  وسمعنا عنه في جنوب شرق آسيا لاسيما باكستان وهذا التصرف لا شك أنه حرام وافتراء على الله ورسوله وهو ضد مبادئ الإسلام ومقاصده .. إنه تصرف ناجم عن اعتقاد يؤول إلى هدم مقاصد الشريعة المتمثل في المساواة بين المسلمين الذين لا فضل لأحد فيهم بغير التقوى وعليه فحكم ذلك حرام بلا نزاع مهما كانت التأويلات.
ثانياً :هناك من يمنع ليس لأجل النزعة العرقية وإنما يقول في ظاهر القول بدلاً من الذهاب بعيداً فإن الأسرة تحل مشاكل أبنائها من الجنبين في إطارها وهنا تأتي المقولات ( جني أعرفه ولا إنسي ما تعرفه) ودفء العشيرة أهم (ابن عمها تحمله ويحملها)  ..الخ…و مثل هذه المفاهيم لا تخلو من صواب ولكن الواقع يشهد من خلال قضايا كثيرة أثرت سلباً في الأبناء والأحفاد .. من الناحية النفسية والتربوية.
وعليه نقول: إن هذه الأمور كافية لردع هذه الأسر أو تلك حتى تتوقف عن تصرفها هذا فقد تكون آثمة بلا ريب مهما كانت النوايا سليمة .

ثالثاً :هناك فريق آخر من هذه الأسر يكرس الزواج داخل الأسرة ليس لاعتبارات عرقية واجتماعية وإنما لاعتبارات اقتصادية (الميراث أنموذجاً) بحسب المفاهيم السائدة بحيث إن أبناء العم لا يطلب بعضهم من بعض الميراث وإنما يسكت عما هو له لدى ابن عمه وأعتقد جازماً أن هذا لا يقل إجراماً عن الفريق الأول الذي صادم مقاصد الشرع وهدمها بالنزعة الاستعلائية العرقية .

وهكذا فإن الفريق الثالث يكون قد صادم شرع الله الصريح المنزل الواضح القطعي الثبوت والدلالة .. ولاشك أن المشاكل الشخصية والنفسية والتشوهات الخلقية ما هي إلا عقوبات إلهية دنيوية لمثل هؤلاء لعلهم ينزجرون ويرتدعون ولا يضيقون ما وسعه الله … والخلاصة أن تعاليم الإسلام واضحة في هذا الصدد  وهي بريئة من هذه التصرفات الخرقاء مهما كانت مبرراتها ..
وللحد من المخاطر ماذا قالوا؟
وفما يخص الحد من مخاطر زواج الأقارب تتحدث كوكبة من الأطباء في دراسات بحثية  لهم حيث أكدوا ان الفحص قبل الزواج واجب وضروري لمن يريد الزواج من الأقارب فالفحص قبل الزواج من اجل معرفة الأمراض الوراثية وتقديم النصح إذا وجدت الأمراض وللحفاظ على سلامة الزوجين ولمعرفة فرصة الإنجاب والحد من انتشار الأمراض والتقليل من حدوث ولادة مشوهة.
فهناك مشاكل لا يمكن تداركها أو إصلاحها قبل الزواج مثل المشاكل الوراثية  ولكن ممكن تجنب حدوث مرض وراثي من خلال الكشف عن الأجنة خلال الحمل في الأشهر الثلاثة الأولى .. والحل هو فحص للبويضة الملقحة وذلك عن طريق زراعة الأنابيب  إذا كانت سليمة  تغرس البويضة في الرحم وإذا كانت مصابة يجب التخلص منها
أسباب الأمراض الوراثية عديدة ويجب على كل حامل متابعة التاريخ الأسري للزوجة والزوج لمعرفة الأمراض الوراثية إذا وجدت خاصة في زواج الأقارب.

الخلاصة :

زواج الأقارب واحد من أسباب مرض تكسر الدم عند الأطفال وقد يصاب الأبناء بهذا المرض نتيجة إصابة احد والديهما بهذا المرض حتى وإن لم يكن زواجها من الأقارب.

أما بقية المخاطر الناجمة عن زواج الأقارب وفق المعلومات التي جمعناها في التحقيق فإن الكثير من الأطفال يكونون ضحايا لتلك الأمراض الوراثية وخاصة التخلف العقلي وضعف البنية وفقر الدم وغيرها من الأمراض إضافة إلى المشاكل الأسرية التي غالباً ما تؤدي إلى تفكك الأسر نتيجة التقاليد المتبعة في مثل هذا الزواج في الكثير من القبائل اليمنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى