تقاريرعناوين مميزة

صراع «مرتزقة» تحالف العدوان ،وقوده «الإخوان» و«الحراك»

14-12-12-860289335filemanager22الهوية| صنعاء

الصراع الإخواني في اليمن المتمثل بحزب الإصلاح  وبعض الفصائل من الحراك الجنوبي يبين عمق الخلافات في صفوف التحالف خصوصاً الأحزاب المنتمية والمتحالفة مع الإمارات والسعودية اللذان يعتبران   من أهم أقطاب ومحاور هذا التحالف في اليمن، حيث وصلت هذه الخلافات إلى تبادل الاتهامات بـ”الإرهاب”.

من أهم العوامل التي أدت إلى هذه الانشقاقات الحادة، أن تحالف العدوان يغلق منافذ الحياة ومجالات العمل على الشباب حتى يدفعهم إلى ساحات القتال.

وكذلك بعض الفصائل في الحراك الجنوبي بعد أن تبين لهم حقيقة أهداف العدوان ومخططاتهم قرروا الانشقاق من هذا التحالف مما ووجهوا بعمليات الاغتيال والتصفية ، وبحسب المراقبين أن هذه الخلافات والانشقاقات وصلت إلى منتهاه متجاوزة حد التراشق الإعلامي وتبادل التخوين الاتهامات بالتنسيق والارتباط بالقاعدة، إلى التسابق المحموم في الانفراد بالسلطة والتحكم بمفاصل الدولة ومقدراتها في المناطق القابعة تحت سيطرة قوى الغزو والاحتلال.

استمرار الأزمات التي تعصف بأبناء الجنوب اليمني، وما تكاد تعالج أزمة حتى تظهر أخرى إلى العلن، فمن انتشار الفوضى الأمنية وعصابات النهب والسرقة المنظّمة إلى فوضى امتلاك السلاح وانتشاره، والميليشيات التي تتحكم بالسلطة تحت مسمى “المقاومة”، وليس أخيراً إلى الفساد المستشري حتى النخاع في كل مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى الغياب التام للسلطة القضائية أو الرقابية.

وفي ظل الانفلات الأمني واستعادة القاعدة لنشاطها وانتشارها في هذه المحافظة، أفادت مصادر مطلعة بأن علي محسن الأحمر أمر باستبدال قوات محلية تتولى حماية شركة نفطية في منطقة الخشعة بأخرى موالية له من اللواء سبعة وثلاثين مشيرا إلى أن هذه القوة سيطرت على مواقع شركة كالفالي النفطية.

ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من تبادل اتهامات التخوين بين هذه الأطراف على خلفية انتكاساتهم في شبوة بما يخدم أجندات الاحتلال وهو الأسلوب ذاته التي تنتهجه قوى العدوان في ظل تلازمية فشلها وإخفاقها في اليمن.

كما أن  في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، تكرار وقوف السيارات بالمئات أمام محطات المشتقات النفطية بسبب الأزمة النفطية المفتعلة من أعلى القيادات السياسية في البلد. هذه الأزمة تستمر قرابة أسبوعين فيرتفع الصوت، وبين ليلة وضحاها تنفرج من دون معرفة أسباب وقوعها أو طريقة معالجتها، لكن المتنفذين يكونون بذلك قد كسبوا جولة وزادوا مكاسبهم على حساب البسطاء والفقراء من الناس.

في غضون ذلك، تستمر عمليات القتل التي تنفذها عصابات مستأجرة لأهداف متعددة، وأحياناً للقتل من أجل القتل، وانتشرت ظاهرة النقاط العسكرية المتعددة على نفس الطريق والمحمية بالدبابات وبالآليات العسكرية الثقيلة الأخرى، والمقسمة ضمن نظام المحاصصة على الفصائل، وهي تفرض الإتاوات على القاطرات المحملة بالبضائع، ومن عدد من النقاط العسكرية، وغالباً ما يحمل الناس العبء الناتج من ارتفاع الأسعار بسبب تلك الإتاوات.

وما يستحق الإشارة إلية والتوقف عنده هو ما أنتجه هذا الصراع، من واقع مأزوم وأجواء محبطة ملبدة بغيوم الخيانة والعمالة،  فلم يعد لدى حزب الإصلاح أي فرصة للعودة ولو بنصف مكسب كان متاحا له من قبل في ظل انكشافه وتعريه في الداخل وتصاعد حدة الاتهامات الإماراتية له بالتخاذل وارتكاب عمليات القتل والاغتيال عبر تصريحات أطلقها أكثر من مسؤول إماراتي وتناقلتها مختلف وسائلهم الإعلامية ليس آخرها ما جاء في تقرير لصحيفة الخليج والتي عبرت عن خيبة العدوان بالحديث عن ما أسمته مشاركة جماعة الإخوان في القتال مع الجيش واللجان الشعبية في صحراء البقع قبالة منفذ الخضراء بنجران.

وفي عدن والجوف ومأرب وحضرموت وتعز ومناطق أخرى، تزداد الخلافات بين المجموعات المسلحة الموالية للعدوان، سواء تلك التي تتبع عبد ربه منصور هادي مباشرة، أم السلفية أم «الإخوانية»، وكلها صراعات تتسبب في الفوضى، ومنبعها: النفوذ أو المال أو النفط أو السلاح.

لم تفلح حكومة هادي، في تقديم نفسها كدولة في المناطق الجنوبية والشرقية الواقعة خارج سيطرة حركة «أنصار الله» وحلفائها، فهذه الحكومة، التي أعلنت مدينة عدن عاصمة مؤقتة لها أواخر عام 2015، لا تزال تفقد السيطرة حتى على المدينة التي تخضع أجزاء منها لسطوة الجماعات المسلحة وفق مبدأ تقاسم النفوذ.

وبينما تدعي حكومة هادي سيطرتها على 80% من البلاد، وهي تمارس مهماتها من قصر المعاشيق في عدن بطلب وبحماية من تحالف العدوان، يتقاسم المدينة عناصر مسلحون من «الحراك الجنوبي» من جهة، ومجموعات السلفية السياسية التي يمثلها القيادي ووزير الدولة في حكومة هادي، هاني بن بريك، من جهة أخرى.

يقود بن بريك ألوية الحزام الأمني المدعومة إماراتياً، والأخيرة يمتد نفوذها في مداخل عدن ومخارجها وبعض مديريّاتها، كما توجد في نطاقها المنطقة العسكرية الثالثة الموالية لهادي وعدة ألوية مدعومة من التحالف، تتولى بدورها تجنيد الشباب الجنوبيين والزج بهم في المعارك. وفيما تحاول حكومة هادي فرض وجودها عبر اللواء حسين محمد عرب (وزير الداخلية هناك)، الذي تسلّم مؤخراً الملف الأمني في عدن، ترفض الجماعات المسلحة توجيهاته.

ومع أن الخلافات بين تلك المجموعات لم تتطور إلى مواجهات شاملة، فإن حالة التوتر واندلاع مواجهات بين حين وآخر في شوارع المدينة، تُنذر بعودة «أحداث يناير» التي شهدتها عدن عام 1986 وأودت بحياة ما يزيد عن عشرة آلاف يمني في أقل من 48 ساعة. وما أشبه اليوم بالأمس، لجهة تصاعد الانفلات ونمو ظاهرة الاغتيالات والاختطاف والاعتقال التعسفي، وهي أمور تسببت في توقف حركة الاستثمارات المحلية وتراجع الملاحة في ميناء عدن، وكذلك توقف الطيران في مطار عدن الدولي في بعض الأحيان، بالإضافة إلى تزايد الهجمات الإرهابية التي تنفذها خلايا «داعش» و«القاعدة» ضد المعسكرات الموالية لهادي.

أخيراً، انتقلت حالة الاحتقان والانقسام المتصاعدة في أوساط الفصائل والتيارات الموالية لهادي وللتحالف إلى محافظة حضرموت، لجهة السيطرة على النفط والقطاعات التي تخلت عنها عدد من الشركات الأجنبية بعد مغادرتها اليمن بصورة نهائية جراء اتساع نطاق المعارك. ومحافظ حضرموت اللواء أحمد سعيد بن بريك، الموالي للإمارات، يخوض الآن صراعاً مع حكومة هادي التي تسعي إلى إعادة إنتاج 200 ألف برميل نفط يومياً من حقول المسيلة دون الالتزام بنصيب حضرموت من المبيعات.

ورغم اتفاق اللواء بن بريك ورئيس حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، على سداد حكومة عدن 35 مليون دولار من كل شحنة نفط تباع من منشآت حضرموت، فإن هادي رفض الاتفاق وسعى إلى السيطرة على القطاعات النفطية في حضرموت عسكرياً، وذلك بإقالة اللواء عبد الرحمن الحليلي، الذي كان قائد المنطقة العسكرية الأولى، وتعيين اللواء محمد طيمس خلفاً له. مقابل تلك المساعي، أعلن «حلف قبائل حضرموت» تأييده مطالب السلطة المحلية، فشكل بدوره لجنة إشراف تتولّى إنتاج وتصدير النفط من المسيلة والقطاعات المُخلاة، إلى شركة «بترومسيلة» الوطنية. ورغم تراجع حدة تلك الخلافات، فإنها لا تزال مرشحة للانفجار في الأيام المقبلة.

أما محافظة شبوة، التي يخوض فيها الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» معارك كبيرة في مواجهة قوات هادي في عسيلان ومناطق أخرى، تصاعدت داخلها الخلافات بين قائد محور عتق وقائد اللواء 30 مشاة، اللواء ناصر النوبة، والقائم بأعمال المحافظ علي بن راشد، ما أدى إلى إطاحة النوبة الذي يُنظر إليه على أنه مؤسس «الحراك الجنوبي».

هذه الصراعات لم تنجُ منها أيضاً محافظة مأرب، فالمال والسلاح والنفوذ أبرز عوامل الخلاف بين الفصائل الموالية لهادي، وهناك (مأرب) لا تزال جبهة الأخير تعاني التصدع وغياب النسجام في أوساط القيادات العسكرية والقبلية، وأيضاً القيادات الموالية لحزب «الإصلاح» (جماعة «الإخوان المسلمون»)، التي تحاول فرض نفوذها على بقية القيادات متكئة على الجنرال علي محسن الأحمر، المحسوب على «الإخوان».

تلك الخلافات تصاعدت عقب مقتل اللواء عبد الرب الشدادي في معركة صرواح، خلال عملية نوعية للجيش ولـ«اللجان الشعبية» في تشرين الأول الماضي، وجراء ذلك اختفت عدة قيادات عسكرية وبرزت أخرى، إذ صعد صغير بن عزيز، في الوقت الذي غاب فيه هاشم الأحمر عن المشهد خلال الأشهر التي تلت مقتل الشدادي.

يضاف إلى كل ذلك تأثير أزمة الثقة في مسار المواجهات ومحاولة «الإصلاح» تصدر المشهد العسكري في نهم وصرواح، اللتين اعتبرتا تمهيداً لـ«معركة صنعاء»، ما تسبب في تعرض العشرات من القوات الموالية لهادي إلى القصف على يد الطيران السعودي في جبهات مأرب والجوف. وفي الأخيرة أيضاً، امتدّ صراع النفوذ الذي يقوده «الإصلاح» وأفضى إلى إطاحة المحافظ السابق للجوف، حسين العجي العواضي، الموالي لهادي، بعدما تخلى الحزب الإخواني عن الحسن أبكر، الذي اتهمته وزارة الخزينة الأميركية بالإرهاب، ثم جاء تعيين الشيخ الموالي لـ«الإصلاح» أمين العكيمي في منصب المحافظ.

بالنسبة إلى تعز، التي كانت حتى عامين عاصمة للثقافة اليمنية، تعيش المناطق تحت سيطرة هادي و«التحالف» حالة من الفوضى بسبب الصراع المتصاعد بين الجماعات المسلحة المتعددة الانتماءات، بل تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة أواخر الأسبوع الماضي. «رفاق السلاح»، الذين تقاسموا المناطق المحدودة الواقعة تحت سيطرتهم إلى مربعات أمنية تمارس كل جماعة فيها سلطاتها كأمر واقع، يعيشون منذ قرابة العام حالة توتر على خلفية الأموال والأسلحة التي تصل من الرياض عن طريق «الإصلاح».

وقد تصاعد الخلاف بين جماعات «الإصلاح،» وبين «كتائب حماة العقيدة» التي يقودها السلفي الجهادي المقلب «أبو العباس»، على خلفية الدعم المالي الوارد من التحالف، كما شهدت نهاية الأسبوع الماضي اشتباكات مسلحة بين جماعة غزوان المخلافي، وهو نجل القائد العسكري في تعز العميد صادق سرحان (قائد اللواء 35)، و«حماة العقيدة»، وذلك على خلفية تنازع الطرفين على جباية سوق «ديلوكس» الواقع وسط المدينة، علماً بأنها ليست الاشتباكات الأولى بين الموالين للتحالف في تعز، بل سبتقها مواجهات خلال الأشهر الماضية سقط فيها قتلى وجرحى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى