تقارير

روحانية رمضان وسيلة لتجنب عصبية الصيام

 

تقرير / صابرين المحمدي

خلال نهار الصيام وُمنذ اليوم الأول من رمضان تسود حالة من العصبية والمشاحنات الأسرية والاجتماعية وخلافات في أجواء العمل بين الناس لأتفه الأسباب تستمر من شروق الشمس حتى مغيبها وعندما تسأل عن السبب يردونه إلى الصيام رغم أن الصيام براء مما هم فيه من مزاج سيئ وحالة عصبية. والحقيقة أن الاعتياد على ممارسة بعض العادات الخاطئة خارج أيام رمضان، كالإفراط في شرب المنبهات، كالشاي والقهوة والتدخين وعدم تنظيم الأكل والإفراط فيه… كلها عادات خاطئة نمارسها طيلة العام، وقد تستمر معنا في رمضان وننسى أنها من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حالة «الترمضين». فمن اعتادوا التدخين أو شرب المنبهات بكثرة، من قهوة أو شاي، غالباً ما يكونون سيئي المزاج أثناء فترة الصيام، فالمدخن الذي يواظب على التدخين يوميا ولمدة طويلة عندما ينقطع عن ذلك لبضع ساعات، تبدأ أعراض الحرمان في الظهور، حيث اعتادت عليه خلايا دماغه، فيشعر بالقلق وبالعصبية وبسرعة الغضب وبألم في الرأس وبعدم القدرة على التركيز وبانخفاض المزاج وبضعف الذاكرة وبمشاكل في النوم .

وعلى سبيل المثال عصبية الموظف عماد صالح تبدأ من 10 صباحا فيتحول بحسب وصفه الى شخص صعب التعامل معه.

ويقول “الأمر خارج عن إرادتي، لكني اشعر بتوتر وضيق ويصبح من السهل أن أصبّ غضبي على أي شخص أصادفه”. لكنه يتدارك الأمر ويخرج بعبارة “اللهم أني صائم”.

ويعتقد عماد أن سبب عصبيته يعود الى عدم شربه القهوة والسيجارة “الطقس” اليومي الذي يتبعه صباح كل يوم وقبل ذهابه الى العمل.

ولا يكون غضب عماد في العمل فحسب فما أن ينتهي دوامه ويعود الى المنزل، حتى تبدأ مشاحناته مع أفراد أسرته.

ويجد أن أفضل شيء يمكن أن يفعله هو الخلود الى النوم لحين موعد الإفطار تجنبا لحدوث مشكلات كبيرة على حد تعبيره.

وبعد أذان المغرب يعود عماد الى تصرفاته الطبيعية “كل مرة أندم على تصرفاتي لكني لا يمكنني إيقاف الأمر”.

وحالة عماد ليست حالة خاصة بل هي حالة تصيب معظم الناس، إذ تشير ربة الأسرة أم عادل إنها تفقد السيطرة على أعصابها وتجتاحها ثورة من الغضب والانفعال لأبسط الأمور وعلى أي من المنغصات اليومية، والتي تبلغ ذروتها مع اقتراب موعد الإفطار.

فهي لا تدخن ولا تشرب القهوة مع ذلك تشعر بالعصبية وتقول “أشعر بضغط كبير وأنا أعد الطعام وأقلق من فكرة أن أتأخر عن تجهيز الطعام على الموعد المحدد”.

وتضيف “أعلم أن هذا الشهر يفترض أن يكون شهر فضائل وأخلاق ولكن ما يصيب الناس هو أمر خارج عن السيطرة”.

ولا يقتصر العصبية بالنسبة لبعض الصائمين على الخلافات والمشاحنات الاجتماعية فهي قد تمتد لتشمل سلوكيات أخرى كعدم احترامهم لقواعد السير واستخدام السرعة الزائدة وعدم قيامهم بالأعمال الموكلة إليهم بالشكل الكامل.

ويقول سائق التاكسي محمد “الناس تجن جنونها في هذا الشهر فتراهم يتسابقون للوصول الى المنزل ولا يحتملون أحدا”.

ويضيف “يمارس الناس هذه الأخلاقيات وهم مطمئنون إلى أن المجتمع سيتحمل سوء أخلاقهم معتقدين أن على الناس تحمل طباعهم السيئة لأنهم تكرّموا علينا فصاموا”

ويقول الطبيب النفسي د.خليل احمد إن أكثر الفئات عرضة للعصبية في رمضان”القلقين والمكتئبين والشكاكين والحساسين” فهذه الحالات النفسية تؤدي الى عدم تركيز بالتالي يصبح الإنسان فاقدا لنفسه ويتصرف كالأطفال.

وهناك أسباب أخرى لعصبية بعض الصائمين وسرعة غضبهم، لعل أهمها كما يشير خليل انخفاض نسبة السكر في الدم وكذلك الإدمان على التدخين.

كما أن التوقف عن شرب القهوة والمنبهات الأخرى هو سبب آخر من أسباب العصبية في شهر رمضان حسب د.خليل.

وينصح د. خليل الصائم أن لا يسهر كثيرا ولا يستمر بتناول الأكل والشرب،لأن ذلك يفقد الجسم تركيزه ويصبح بالتالي عصبي المزاج.

فالجسم بحاجة الى ساعات كافية من النوم كي يستعيد نشاطه، وإذا لم يأخذ الجسم كفايته من النوم تكون ساعات العمل بالنسبة له شاقة ومزعجة وذلك نتيجة نقص النوم، وليس نتيجة للصيام.

ويبين خليل أنه من الضروري أن نغير من سلوكياتنا في رمضان لأنه شهر العبادة والفضائل وشهر التحمل والصبر.

” ويقول “على المرء أن يتعرف على جسده ويعرف كيف يتعامل معه لتجنب مثل هذه التصرفات.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى