تقاريرخاص الهويهعناوين مميزة

اليمن تعود إلى مربع الخوف من جديد

الحوار الوطني بين عودة ممثلي الحراك لجلساته ومشاريع الانفصال لقوى جنوبية كبيرة وبين اتهامات هادي لصالح ومحسن بالوقوف وراء إقلاق الأمن الوطني والاتهامات لهادي بالسعي للتمديد

كلما اقتربنا من المو
عد المحدد لإجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في فبراير القادم نجد أن المشهد اليمني يزداد بعدا عن الوصول إلى حل للقضايا اليمنية العالقة منذ عقود والتي تعتبر من ابرز أسباب الأحداث التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية حيث يزداد المشهد السياسي اليمني غموضا مع اقتراب بدء أعمال الجلسة العامة النهائية لجلسات الحوار الوطني التي ستستمر حتى 18 سبتمبر الحالي ويُفترض أن تُناقش فيها التقارير التي توصلت إليها فرق العمل التسع كما يرى عدد من المحللين السياسيين.

| الهوية | فاضل الهجري

شعار-مؤتمر-الحوار-الوطني

ويبدو أن الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي يدرك مدى خطورة هذه الفترة لاسيما بعد أن ترددت أخبارا عن توجه لدى الحزب الذي يمثل نائبه الأول وأمينه العام بترشيح شخصية جنوبية لرئاسة البلاد في انتخابات 2014م الرئاسية.
فبعد بضعة أشهر من إعلان نائب وزير الإعلام اليمني الأستاذ عبده الجندي أن المؤتمر الشعبي العام سيرشح الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي للرئاسة

في فبراير القادم باسم المؤتمر إلا أن الأيام الأخيرة كشفت عن خلافات بدأت ترسو على السطح وتستبين للعيان بين كل من رئيس الشعبي العام رئيس اليمن السابق صالح وأمينه العام الرئيس الحالي لا سيما بعد أن ظهرت دعوات جماهيرية بعودة الأستاذ علي مجور لممارسة عمله كأمين عام للمؤتمر الشعبي العام معلنين الاتهامات للرئيس هادي بأنه تعمد إقصاءه عن اليمن بتعيينه سفيرا في الخارج ليأتي بعده بأشهر الإعلام الرسمي ناشرا أخبارا تقول بان رئيس الجمهورية يمنع على السفراء ممارسة حضور الاجتماعات الحزبية ما جعلهم يعتبرونه محاولة من الرئيس هادي لقطع الطريق أمام مجور كونه يمثل حتى اليوم الأمين العام المنتخب من الحزب في مؤتمره العام الأخير.
ومع أن الرئيس هادي انتقد بشدة وثيقة كانت تناولتها وسائل إعلام – وقيل أنها بخط الدكتور الإرياني- وأكد أنها لا تعبر عن تطلعات الشعب اليمني لا جنوبه ولا شماله مستغربا من تقوقع فكر بعض القوى السياسية في دائرة ضيقة معلنا خلال لقائه رئاسية مؤتمر الحوار قبل أسبوعين مؤكدا أن أي تدخل من هيئة الرئاسة او لجنة التوفيق بأعمال فرق العمل وسلب مهامهم مرفوض تماما ولن يؤدي إلى نجاح المؤتمر وكسب ثقة المجتمع الدولي والمحلي وتطلعات أبناء الشعب اليمني.


إلا أن التطورات الأخيرة للمشهد تكشف أن الأيام القادمة ستشهد سخونة غير مسبقة لا سيما بعد أن تسربت أخبارا عن توجه لدى الرئيس هادي وشخصيات قيادية أخرى عسكرية ومدنية لإنشاء حزب سياسي وانه تقدم باستقالة رسمية إلى المؤتمر الشعبي العام في الوقت الذي تناقلت فيه وسائل إعلام اتهامات صريحة للرئيس السابق واللواء علي محسن الأحمر بأنهما من يقف وراء ما تعيشه اليمن من انعدام للاستقرار الأمني ويتلو هذه الاتهامات حدوث عدد من التفجيرات داخل العاصمة صنعاء وقبلها حدثت اغتيالات لعدد من القيادات الأمنية والعسكرية وذلك بعد أيام من إعلان رئيس فريق الحراك الجنوبي المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني عن انسحابهم من المشاركة في الحوار.
وبرغم أن فريق الحوار شارك الاثنين الماضي جلسات الحوار الوطني وحضر جلسة الاثنين مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر إلا أن المشاركة التي اعتبرها بعض المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني مؤشرا جيدا لم تمثل مؤشرا للتفاؤل لدى الشارع اليمني خاصة بعد أن ترددت الأخبار أن شرط ممثلي الحراك في المؤتمر هو أن يكون الحوار على أساس ندي بين شمال وجنوب في الوقت الذي تسربت معلومات عن أن الدولة الفيدرالية المتوقع الاتفاق عليها ستكون من إقليمين.
ما اعتبره البعض بداية انفصال وليس بداية اتفاق وإقامة دولة اليمن الواحد والحديث كما يدعي البعض او انه ليس غير مزايدة يسعى من خلالها الرئيس هادي ومعه كل من رئيس فريق الحراك في مؤتمر الحوار الوطني محمد علي احمد وأيضا أطراف سياسية أخرى وذلك بهدف فرض التمديد للرئيس هادي لفترة قادمة وهو ما تصر بقية الفصائل والفعاليات السياسية في اليمن على رفضه بداية من الحزب الذي يمثل هادي نائبا أول له وأمينه العام حاليا.
معتبرين حضور بن عمر جلسة القضية الجنوبية وتأكيده على أنها أهم قضية في الحوار يكشف أن الوضع ليس مطمئنا بل مشجعا للحراك الجنوبي على مواصلة رفضه المعلنة مسبقا لأي نتائج للحوار الوطني لا سيما بعد أن أعلن مؤخرا رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي حسن احمد باعوم أن ما يجري في صنعاء لا علاقة لشعب الجنوب به وان المتحاورين لا يمثلون غير أنفسهم.
الشيخ طارق الفضلي أعلن – مؤخرا- في إطار هجومه على السفير عبد الوهاب طواف بان « أبناء الجنوب عامة ومحافظة أبين خاصة قادرون على ردع المدعو الطواف ومن يقف وراءه وارض الجنوب سوف يتم استعادتها من هؤلاء المرتزقة » في بادرة تكشف أن النقمة من أبناء الشمال المتكرسة في قيادات جنوبية ومن منطقة الرئيس هادي لم تعد في مرحلة بسيطة بل لقد تجاوزتها بمسافات كبيرة كانت بدايتها حرب صيف 1994م التي شارك في شنها على الجنوب عام 94م متحالفا مع نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
مما يعني أن افتعال مثل هذه التسخينات للموقف السياسي والمشهد اليمني تساعد على تضييق وتأزيم الواقع المعاش أكثر فأكثر وتجعل الشعور بقرب الانفجار هو السائد في الفكر الشعبي وربما تصل اليمن إلى نقطة اللاعودة في حال لم يتم الاتفاق على التمديد للرئيس هادي كما يرى البعض إن أصر هادي على أن يمدد لنفسه.
على اعتبار أن الرئيس هادي كان أيضا شريكا لصالح في حربه على الجنوب عام 1994م وعليه ان يتحمل أيضا نتائج تلك الحروب فان أراد أن يخط سطورا مضيئة في تاريخه عليه ان يضحي بكرسي الحكم كون تلك الحرب كانت سببا رئيسا لعودة أحقاد وخلافات الزمرة والطغمة والسعي لتصفية الحسابات بينهما فضلا عن أن طارق الفضلي هو احد أفراد أسرة الرئيس هادي الذي ينتمي إلى آل الفضلي أيضا بل هو نجل شيخ قبيلته وما يمارسه من تهديدات وتحديات لا تنفع هادي بل تضره.
فإذا كانت الأخبار كشفت أن الاتفاقات التي ستعطي هادي فترة إضافية للبقاء في كرسي الحكم تضمنت أيضا أن يكون علي محسن الأحمر نائبا لرئيس الجمهورية وهو صهر طارق الفضلي وان يمنح الشيخ حميد الأحمر امتيازات خاصة فهذا يعني أن وراء الأكمة من الشر المنتظر لليمن ما وراءها خاصة وان المشاكل والأزمات التي عاشتها اليمن خلال العقود الماضية كان سببها آل الأحمر وأيضا خلافات تياري الزمرة والطغمة.
السياسي والكاتب اليمني مصطفى نعمان يبدو مستوعبا للقادم إلى حد كبير حين قال بأن ” كل التقارير التي ستجري قراءتها أولا بعد استنزاف وقت استمر لستة أشهر ومزايا مالية مجزية لكل المشاركين في عمل يفترض أن يكون تطوعيا في المقام الأول، ستكون غير مجدية، قبل حسم مآل القضية الجنوبية”.
على اعتبار أن القضية الجنوبية تمثل ابرز ما يواجه الحوار اليمني وفشل تهدئة النفوس بعدم تنفيذ الـ 31 نقطة المقترحة فيما مضى لتهيئة الأجواء لحل قضيتي الجنوب وصعدة ستظل العقبة الكؤود أمام الحوار بعد فشل الوعود بتنفيذها خاصة حتى وان جدد هادي تأكيده على ضرورة تنفيذها، وان أحزاب سياسية بدت وهي رافضة لتنفيذها بعد أن كانت شريكة في صناعة الأحداث المأساوية عام 1994م في الجنوب والأحداث التي عاشتها محافظة صعدة في حروب السنوات الست الدامية تحت حجج وذرائع واهية.
فيما يرى البعض أن المطالبة بتحويل «الحوار» إلى «تفاوض» بين «الشمال» و«الجنوب»، وأن يكون خارج اليمن، يمثل استهانة بكل النداءات بل والتوسلات لمعالجة المشاكل التي نتجت عن تلك المأساة التي يدفع اليمن شمالا وجنوبا ثمنها الباهظ كما يرى البعض.
ومع أن فريق الحراك وافق على العودة للمشاركة في جلسات الحوار إلا أن ذلك تزامن مع أنباء عن لقاءً عقده أعضاء “القيادة المؤقتة لمؤتمر القاهرة” من جنوبي اليمن وشددوا على “أهمية الحرص على وحدة الصف الجنوبي وتوحيد الشتات بين ‏كل المكونات”.
وكان اللقاء التأسيسي لما يسمى “مجلس التنسيق الأعلى للمؤتمر الجنوبي” عقد برئاسة الرئيس الأسبق علي ناصر والرئيس حيدر العطاس ‏والوزير صالح عبيد وحضره رؤساء مجالس الحراك في المحافظات ولجان التواصل في ‏الداخل والخارج”.‏
معلنين أسفهم على “انشقاق بعض أعضاء المؤتمر ‏ومشاركتهم في الحوار دون وضع أسس وضوابط للمشاركة مؤكدين أن القيادة سعت لتحقيق ‏هدفين لضمان مسيرة الحراك وقضية الجنوب من خلال وضع رؤية إستراتيجية وخارطة ‏طريق مسئولة لاستعادة الجنوب مع حفظ وشائج الإخاء والمحبة وانسياب المصالح بين ‏الشعبين وتشكيل قيادة مؤسسية تستوعب الطيف السياسي والاجتماعي والجغرافي”.
وهو ما يعني أن الفريق المشارك باسم الحراك في مؤتمر الحوار لا يمثل الجنوب بل يمثل المشاركين أنفسهم فقط كما قال باعوم ويعني أيضا أن رؤية حل القضية الجنوبية لم تعد تهم ما يسمى بـ “مجلس التنسيق الأعلى للمؤتمر الجنوبي”.
بدليل أن اللقاء كان من ضمن قراراته وتوصياته التي خرج بها إقرار القيادة المؤقتة “موقفها الثابت بأن قضية ‏الجنوب ليست قضية للتوافق بين الشمال والجنوب بل هي قرار شعب الجنوب” .. مؤكدة ‏‏”مواصلة القيادة مساعيها مع كل المكونات السياسية والاجتماعية الجنوبية لتصحيح الاختلال ‏داعية كل قيادات مكونات الحراك تجاوز الخلافات الصغيرة والتوصل إلى رؤية موحدة وأن ‏تولي اهتماما أكبر للعمل السياسي مع كل الأطراف”. ‏
اليمن اليوم تعيش وضعا لا يحسد عليه و “من المنطقي والمطلوب أن تبدأ أعمال جادة بعيدا عن ردهات «موفمبيك»، والابتعاد عن الدوران في حلقات مفرغة، والتركيز على الحلول التي تُرضي الجنوبيين أولا مع بذل الجهد الصادق لشرح البدائل المختلفة المرتكزة أولا على رغبة أبناء الجنوب” كما يقول نعمان ويجب أن تحظى قضية صعدة أيضا بالمساحة الكافية لحلها بعيدا عن رغبات الأطروحات المذهبية والطائفية وبخاصة تلك التي تقيم رؤاها وأطروحاتها من منظور التكفير للآخر تحت مزاعم الدفاع عن الله ورسوله ودينه.
وكما يقول مصطفى نعمان ” قد يغيب عن الذهن أن الواقع المعاش في الجنوب قد تبدل، وصار المزاج السائد هو «الانفصال» أو ما يسميه البعض من قادة الجنوب «استعادة الدولة»، وهكذا فإن الحلول المتاحة يجب ألا ترتبط بالأمنيات والأحاديث العاطفية وإطلاق الشعارات القديمة، وعلى الذين يمتلكون قولا وفعلا مفاتيح الحل إدراك أنه ليس بمقدور أحد الاعتقاد بإمكانية اللجوء إلى القوة أو تكميم الأفواه لإنجاز مشروعه، بل من الحكمة التفكير بهدوء والسعي إلى استشراف الممكن لا المؤمل”.
لكن هذا لا يعني أن يكون الاجتهاد عبارة عن اتفاقات في غرف مغلقة وتقاسمات مناصب أو أن تكون العملية عبارة عن مسخرة لتقديم المبررات لتمديد فترة الرئيس هادي او تعيين اللواء محسن نائبا لرئيس الجمهورية لترضية النفوس بل يجب أن تكون الاجتهادات والجدية مستوعبة لما تعيشه اليمن من أوضاع متردية ومآس متكررة لم تتمكن حكومة الوفاق الوطني من تجاوزها أو تغييرها حتى اليوم.
والوثيقة المسربة بخط الدكتور عبد الكريم الإرياني النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام والتي قيل عنها أنها كانت باتفاق مع الرئيس عبد ربه منصور هادي على أن يتولى الإرياني إقناع أعضاء لجنة التوفيق بمؤتمر الحوار بشكل منفرد بها لا تمثل حلا للواقع اليمني ولا منهجا يريده اليمنيون خاصة بعد أن أعلن المؤتمر الشعبي العام براءته من أي اتفاق بين الإرياني وهادي وحزب الإصلاح يتلخص في التمديد للرئيس عبد ربه منصور هادي و إقامة دولة اتحادية من سبعة أقاليم وان يتولى اللواء علي محسن الأحمر منصب نائب الرئيس ومنح حميد الأحمر امتياز استثمار ميناء عدن وإحلال لجنة الحوار كهيئة تشريعية بديلة لمجلس النواب إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية وفق النظام الذي سيتم استخلاصه من الأقاليم السبعة والتي أوردتها الوثيقة المسربة بل ستكون أي سير في تجسيد هذه الوثيقة القنبلة التي تنسف كل ما تم منذ اعتلاء المشير هادي كرسي الحكم في فبراير 2012م وعلى الرئيس هادي أن لا يسمح بذلك لأنه سيكون كمن يساهم في إحراق تاريخ نفسه بعد تحمله المشاق والصعوبات لإخراج اليمن من أزمة الربيع العربي الذي لا يزال يريق الدماء في أكثر من بلد عربي وعادت الفوضى في بعض دوله إلى أشدها.
وعليه أن يتذكر خطابه الذي ألقاه وهو يتسلم السلطة سلميا كما قال من الرئيس السابق علي عبد الله صالح حيث قال وبعد عامين سنشهد هنا احتفالا بمناسبة تسليم السلطة سلميا.
فتعمد التهوين من الواقع واستمرار الأساليب العتيقة في الوعود والعهود، والاعتماد على الصراخ عبر وسائل الإعلام، والاستخفاف بالمصاعب، وإطلاق التصريحات التي لم تعد قادرة على إقناع الناس بغير حقيقة الأوضاع ليس غير استنساخ للماضي بصورة أكثر سوءا – كما يقول الكاتب نعمان- ودعوة صريحة لأصحاب المشاريع الصغيرة في الجنوب كما في الشمال إلى الاعتماد على قوتهم الذاتية بعيدا عن قنوات التواصل والحوار والتفاوض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى