تحقيقاتخاص الهويهعناوين مميزة

الفساد.. الإهمال.. انعدام القوانين !! ثلاثي التدمير الذي يهدد ثروة اليمن السمكية!!

الفساد.. الإهمال.. انعدام القوانين !!

ثلاثي التدمير الذي يهدد ثروة اليمن السمكية!!

الثروة السمكية

كثير من الحسرة والندم يعتريان كل مواطن يمني وكل متابع لوضع ثروة البلاد السمكية خاصة عندما تردد وسائل الإعلام الرسمية وتسرد الميزات والمساحة وعدد الجزر والخلجان البحرية وأنواع السمك والأحياء البحرية التي توجد في مياه بلادنا الإقليمية.

فبحسب التقارير الرسمية تقع بلادنا على نحو 2500كم من السواحل البحرية وتمتلك نحو 130جزيرة بحرية وتتواجد فيها ما يزيد عن 400صنفاً من الأسماك والأحياء البحرية النادرة وذات القيمة الغذائية والمالية العاليتين وهي تسمح لتصدير ما يزيد عن 400ألف طن سنوياً.

ومع كل هذه المعلومات يرى الكثير من الباحثين والخبراء أن اليمنيين يعدوا من بين أقل سكان بلدان العالم استهلاكا للأسماك وبلادنا من بين أقل البلدان في العالم استثمارا لثروتها السمكية.

فأين يكمن الخلل؟!! ما هي المخاطر التي تتهدد ثروة البلاد السمكية؟ ولماذا تتكالب شركات الصيد العالمية على الاصطياد في مياهنا الإقليمية؟!! أين الدور الرسمي في حماية هذه الثروة واستغلالها بصورة مثلى ؟ لماذا اسماك بلادنا غالية في أسواقنا و رخيصة في الأسواق العالمية؟!! ما هو الواقع الذي تعيشه شركات الصيد والصيادين اليمنيين ؟ هذه الأسئلة وغيرها حاولنا في هذه التحقيق الحصول على إجابات واضحة لها فإلى التفاصيل..

إعداد / قسم التحقيقات

أسماك اليمن تنهب من شركات الصيد الأجنبية ولا منقذ!!

كشفت تقارير حديثة أن ثروة بلادنا السمكية لا تزال ومنذ سنوات بل منذ عقود تنهب مع سبق الإصرار والترصد وهذا يعود إلى جملة من الأسباب أبرزها الفساد الذي يخيم في المؤسسات الرسمية وكذا الإهمال المتعمد من قبل الدولة والحكومة لهذا القطاع الحيوي الهام وكذا انعدام القوانين المنظمة للصيد والصيادين المحليين والأجانب.

وأضافت التقارير التي حصلت الهوية على نسخ منها أن هناك جملة من المخاطر التي تهدد ثروة اليمن السمكية بالنضوب ومن أبرزها..

قيام السفن الأجنبية باستنزاف الثروة السمكية اليمنية بشكل مرعب وغير قانوني حيث تُمد الشباك بالهكتارات لتغطي مساحات شاسعة من مناطق صيد الأسماك لتجرف ما فيها من سمك وغير سمك!!! ومن الجُرم الذي ما بعده جُرم أن تنتقي من تلك الأسماك ما يُناسبها وترمي البقية وقد تلفت في البحر!!!
وهناك سفن تقوم بالتعليب في عرض البحر فتقوم بجرف الأسماك وتعليب ما يُناسبها ورمي المخلفات والنفايات في البحر وتمضي دون رقيب!!!
وهناك سفن تستخدم أساليب محرمة دولياً في الصيد ومنها تفجير عبوات ديناميت لقتل الأسماك وهي بذلك تقوم بالقضاء على الشُّعب المرجانية والمزارع البحرية التي تتربى عليها الأسماك، وفي دراسة فإن مثل هذه الشُّعب تحتاج على الأقل إلى مائة سنة لتعود كما كانت عليه!!! أي أن هذه السفن تساهم في القضاء على الحياة البحرية في شواطئنا بشكل ينذر بزوال هذه الثروة!!!
ومع  كل هذا الهدر والاستنزاف للثروة السمكية لم يعد الصياد اليمني قادراً على الصيد في المياه القريبة بل أصبح مطالباً بقطع الكيلومترات ليواجه سُفن الصيد الأجنبية بإمكانياته البسيطة وينافسها على رزقه! ويتعرض للكثير من مخاطر القرصنة والاعتداءات المتكررة عليه ولا منقذ له ولا لأسماك يمننا..
ومع كل ذلك الجرف العشوائي وغير القانوني والمحرم دولياً تؤكد التقرير أن كثيرا من الأنواع البحرية بدأت بالانقراض والشح في السوق اليمني ومنها الجمبري الذي قلَّ بنسبة 50%..
الفساد يدمر مشروع الأسماك الخامس!!

كشف تقرير برلماني صدر حديثا عن فساد بملايين الدولارات في مشروع الأسماك الخامس الهادف إلى مواجهة الاختلالات التي تواجه القطاع السمكي الناجم عن الأعداد الكبيرة للأساطيل الأجنبية العاملة في مجال صيد الأسماك.

ووفقا للتقرير فإن نسبة الإنجاز في المشروع الذي بدأ العمل فيه عام 2006 لم تتجاوز 20% برغم صرف الكثير من مخصصاته المالية والبالغة 32 مليون دولار كقرض مقدم من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي .

 ومع هذا  فأن المشاريع التي نفذتها إدارة المشروع مخالفة لمكوناته المتفق عليها  ومنها دعم الأبحاث والدراسات السمكية وإعادة تأهيل الموانئ السمكية وتحسين وتجهيز مواقع الإنزال وتوفير نظام إدارة المصائد السمكية ومراقبة الجودة وتطوير الجمعيات التعاونية.

 وخلص التقرير إلى أن الدعم المخصص لصالح المؤسسات السمكية لم يصل  إليها، متهما إدارة المشروع بالعمل بعقلية إدارية مغلقة الأمر الذي حمل الدولة أعباء مالية كبيرة.

850ألف طن حجم مخزون بلادنا من الأسماك وقدرة الإنتاج الحالية 115 ألف طن سنوياً فقط:

ووفق التقديرات الحديثة  فإن المخزون السمكي لبلادنا على طول السواحل في البحرين الأحمر والعربي يصل إلى أكثر من 850 ألف طن ما يدل على أن بلادنا تستطيع إنتاج ما بين 350 ـ400 ألف طن سنوياً.

وتقول التقارير الحديثة أن بلادنا تمتلك شواطئ متعددة تتميز بالتنوع الفريد والغني بالثروة السمكية ما جعل هذه الثروة متنوعة في بيئتها ومعيشتها لتصل إلى 400 نوع من الأسماك والأحياء البحرية.

مضيفةً أن الثروة السمكية في بلادنا تتركز في المصايد الطبيعية البحرية إذ تبلغ مساحة المسطحات المائية أكثر من 600 ألف كيلو متر تقريباً بحسب تقديرات مركز أبحاث علوم البحار بما فيها الجزر والخلجان في مناطق البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي بتكويناتها وخصائصها المختلفة.

ثروتنا السمكية هائلة لكنها سيف بيد عجوز !!

وتؤكد التقارير أن مياه اليمن الإقليمية ذات ثروة هائلة تحوي أصنافا وأنواعا  من الأسماك والأحياء البحرية ذات القيمة التجارية المرتفعة وبتلك التكوينات والخصائص لمناطق المصائد الطبيعية في المياه البحرية لليمن والتي جعلت الثروة السمكية من أهم الثروات الطبيعية الاقتصادية في بلادنا وتوفر إمكانية الاشتغال لمختلف وسائط الصيد التقليدي والساحلي والصناعي في المناطق الإقليمية والاقتصادية الخالصة وأعالي البحار.

وفي هذا الجانب يؤكد خبراء الاصطياد أن حضرموت والمهرة والحديدة تعد من المحافظات المتقدمة في الإنتاج السمكي مقارنة بإنتاج المحافظات الساحلية الأخرى .

مشيرين إلى أن الصيد التقليدي أحد أهم الأشكال الإنتاجية في الصيد البحري ويعتبر المصدر الرئيس للإنتاج وتوفير الأسماك للمواطنين وزيادة الصادرات السمكية حيث حقق قفزة كبرى في الإنتاج في السنوات الأخيرة بلغت أكثر من 280 ألف طن في العام2010م  وبنسبة 98.5% من الإنتاج الكلي للأسماك.

وتقول التقارير الرسمية أن الصادرات السمكية لبلادنا تحتل المرتبة الأولى في الصادرات الوطنية غير النفطية وبنسبة 40% من إجمالي السلع المصدرة وتتمتع الأسماك اليمنية بسمعة جيدة في الأسواق العربية والأجنبية وتحديداً في أسواق دول الخليج العربي ودول الاتحاد الأوروبي وتعد من السلع التي تحقق أسعاراً عالية مقارنة بأسماك الدول الأخرى وتقدر جملة نسبة تصدير الأسماك اليمنية بحوالي 70% ويعد أسماك الحبار والجمبري والشروخ الصخري الحي والمجمد والأسماك الطازجة والمحضرة على هيئة شرائح من أهم الصادرات اليمنية الموجهة إلى أسواق أكثر من 50 دولة عربية وأجنبية سنوياً.

وتضيف أن بلادنا تحتل المرتبة الرابعة بين الدول العربية المنتجة للأسماك بعد المغرب وموريتانيا ومصر، وتُعد من الدول الأولى عالمياً في إنتاج وتصدير (الحبَّار)، وتحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية في إنتاج الشروخ الصخري حسب إحصائية منظمة الأغذية والزراعة الفاو. إلا أن الاصطياد الجائر خصوصاً للشروخ والحبار والجمبري المرغوب خارجياً يُعد مشكلة خطيرة..

أسماك اليمن غالية على اليمنيين رخيصة للأجانب!!

وفي هذا الجانب تؤكد التقارير غير الرسمية أن الأسماك اليمنية تباع في الأسواق الخارجية بأقل مما تباع به في الأسواق المحلية.

حيث وصل سعر كيلو الجمبري إلى أكثر من 15 دولاراً وبعض أنواع الأسماك مثل الديرك إلى أكثر من 10 دولارات في الأسواق المحلية بينما تباع في الأسواق الخارجية بأقل من نصف المبالغ المذكورة.

موضحة أن ذلك يعود إلى عدة أسباب منها قلة المعروض في الأسواق المحلية وعدم تغطيتها بالمنتجات السمكية وعدم تحديد الأسعار من قبل الجهات الرسمية والرقابة على ثباتها وبحسب آخر الإحصائيات الرسمية فإن نسبة الاستهلاك المحلي من الأسماك الطازجة والمعلبة خلال العام الماضي تراجع إلى نحو 40% من إجمالي حجم الأسماك المصطادة مقارنه بالسنوات الماضية التي وصل فيها إلى نحو 70% الأمر أرجعت أسبابه التقارير المحلية إلى ارتفاع الأسعار حيث تشير إلى أن مقدار نصيب استهلاك الفرد من الأسماك تراجع من6 كجم إلى4كجم في الفترة الماضية مع أن متوسط نصيب الفرد العربي يزيد عن 12كم ..

 إضافة إلى ذلك فإن من أسباب غلاء الأسماك في الأسواق المحلية اعتماد الدولة بشكل كلي على فكرة تصدير الأسماك للأسواق الخارجية عبر تجار حيث تشير التقارير إلى أن عملية التصدير تسير بعشوائية كبيرة كون الكثير من المسوقين للأسماك من المهرة وحضرموت والحديدة وعدن ولحج وشبوة وتعز وأبين يقومون بنقل الأسماك إلى المنافذ الحدودية وعرضها للبيع دون تنسيق أو تنظيم وهنا يزداد العرض ويقل الطلب وتشترى الكميات بأسعار زهيدة من قبل شركات مصدّرة الأمر الذي ينعكس على الأسواق المحلية وارتفاع الأسعار مع العلم أن كميات كبيرة من الأسماك اليمنية تباع في المنافذ الحدودية بطريق المقايضة أي يأخذ البائع لها سلعا أخرى  مقابل ثمنها من قبل الشركات المصدرة هناك..

تراجع مخيف في الإنتاج والتصدير !!

كشفت أخر التقارير الرسمية أن صادرات بلادنا من الأسماك والأحياء البحرية بلغت نهاية العام الماضي 2012م أي قبل نحو شهرين من ألان

نحو 115 ألف طن بلغت قيمتها نحو 292 مليون دولار.
وهذا يمثل تراجعاً مخيفا في كمية الأسماك المنتجة والمصدرة والمستهلكة محلياً فمنذ نحو عامين كان إنتاج بلادنا من الأسماك في 2010م نحو 300 ألف طن وبقيمة 120 مليون دولار إلا أن هذا الرقم تراجع في العام الماضي 2011 بنسبة 35 % نتيجة الأحداث كما وصل التراجع العام الماضي 2012م  إلى 115 ألف طن.

كما تشير الدراسات والإحصائيات إلى تراجع حجم استغلال أصناف الأسماك حيث أصبح مقتصراً على  حوالي 60 نوعاً فقط من الأسماك والأحياء البحرية من إجمالي الموارد السمكية، وهي الأنواع المرغوبة للاستهلاك المحلي ومرغوبة في الأسواق الأجنبية وتمثل تلك الأنواع المستغلة من الأسماك ما نسبته 17% فقط من أجمالي أنواع الأسماك والأحياء البحرية المتواجدة في المياه اليمنية.

أسماك اليمن مهددة بالانقراض وسيادة بلادنا البحرية منتهكة !!
وهنا تؤكد التقارير أن ممارسات الصيادين غير القانونية أثرت وبصورة سلبية على الأسماك والأحياء البحرية  حيث قللت من حجم الصيد المتاح للصيادين القانونيين والقطاع التقليدي، وشكلت ضغوطاً خطيرة على مخزونات الأسماك فالأنشطة العشوائية تستخدم معها أدوات صيد غير مشروعة وكذا الصيد في المناطق والمواسم المغلقة.

والملاحظ أن سيادة بلادنا البحرية منتهكة فالصياد اليمني يختطف ويعذب وتصادر معداته وممتلكاته من قبل سلطات الدول المجاورة لليمن في القرن الإفريقي وعلى رأسها اريتريا والقوات الدولية وغيرها وهو يصطاد في مياه يمنية ناهيك عن أن الحكم الدولي نص على السماح لصيادي البلدين بالاصطياد في المياه الإقليمية المشتركة بعد تأكيده على حق اليمن في السيادة على أرخبيل حنيش ومن الواجب على الدولة حماية الصيادين والسيادة والثروة البحرية غير أن ذلك لم يحدث.
وتقول التقارير أن الأسباب الحقيقية وراء تنامي الصيد غير القانوني هو قصور النصوص القانونية في إطار التشريعات والقوانين اليمنية فيما يخص القانون البحري اليمني.

الخلاصة توصية للحكومة !!:

وعلى إثر كل المعلومات والحقائق التي رصدناها في تحقيقنا هذا والتي شملت واقع القطاع السمكي في بلادنا والمخاطر التي تتهدده نورد ما أكد عليه الكثير من الخبراء كضرورة مطلوبة أن تقوم الدولة والحكومة بها على وجه السرعة وتتمثل في العمل على تحقيق التنمية المستدامة لمصايد الأسماك والاستخدام الرشيد للموارد والأحياء البحرية من خلال تنفيذ عدد من التدابير ذات الصلة المباشرة بالإدارة الفنية والرقابية بطريقة تؤدي إلى الاستغلال الرشيد لتلك الموارد بهدف الحفاظ على نوع من التوازن بين طاقات الصيد المتاحة والموارد المتاحة وكذا إصدار النصوص القانونية التي تنظم عمليات الصيد والتصدير وفرض رقابة مشددة عليهما…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى