مساحات رأي

السيد عبد الملك الحوثي يظهر لأول مرة في ميدان السبعين .. ماذا جرى وما الذي يمكن أن يحدث ؟!

عابد المهذري

 

العام الماضي، احتفل اليمنيون بذكرى المولد النبي مرتين .. في بداية 2015 بساحة الفرقة الأولى مدرع قبل العدوان بشهرين وعلى ملعب الإستاد الرياضي في نهاية العام .. والآن ولأول مرة يتم الاحتفاء بالمولد في ميدان السبعين بقلب العاصمة صنعاء بفعالية حاشدة تودع عام 2016، بزخم جماهيري يزداد معه وعي المجتمع اليمني بقضاياه الوطنية ويزيد ارتباط الأمة برسولها محمد بن عبد الله الصادق الأمين ويتزايد عنفوان أبناء اليمن تحديا لتحالف العدوان السعودي الأمريكي المتصهين على بلادنا .

العام الماضي، كان الناس يتوقعون عدم إقامة فعالية المولد النبوي خوفا من قصف جرائم العدو الذي كان هو الآخر يسعى ويتمنى منع المناسبة السنوية الأهم لدى حركة أنصار الله .. لكن التوقعات والمساعي والتمنيات خابت جميعها وامتلأت مدرجات وأرضية ومحيط اﻷستاد الرياضي بحشود فاقت الخيال تدفقوا من كل حدب وصوب إلى المكان الذي تعرض لأكثر من غارة جوية .. دون رهبة من الإف 16 أو خوف من استهداف إجرامي للجمع الحضور .

 

من صعدة إلى العالم

هذا العام اعتمد الأعداء وسيلة أخرى بغية إفشال إحياء المولد النبوي أو إفقاده على الأقل زخمه وتأثيره وإضعافه بالاعتماد على تشديد الحصار الاقتصادي وافتعال الأزمة المالية وهدفه إيصال أنصار الله إلى وضع مادي صعب يعجزون فيه تمويل نفقات مناسبتهم المركزية .. فحدث العكس وما ليس متوقعا ؛ حين اتخذ الأنصار إجراءات ذكية بالحد من مظاهر تزيين الشوارع والمدن ابتهاجا بذكرى ميلاد الرسول الأعظم وتوفير ما كان يصرف لتلك الأشياء في تنفيذ حملة إحسان خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين وهو الأمر الذي نال استحسان شرائح مجتمعية من خارج الحركة ودفع بعشرات الآلاف للمشاركة الايجابية في الاحتفاء بالمولد والحضور إلى ميدان السبعين للاحتشاد بمئات الآلاف في تظاهرة مليونية كسرت كل الحواجز بتدفق طوفان بشري متلاطم إلى هذا المكان ذا الرمزية التاريخية والثورية والسياسية في ذهنية أهل اليمن .

 

الفيل وجيلا بعد جيل

ظهر السيد القائد عبد الملك الحوثي لأول مرة في ميدان السبعين .. مخترقا بهذا الظهور الاستثنائي جميع المحاذيز ومصفوفة ممنوعات كثيرة تبددت مع الزمن وفي سنوات وجيزة .. تدحرجت كرة انتصاراتها بسرعة من جبال مران حيث كانت قبل عقد ونصف إقامة أول احتفاء جماهيري حاشد بالمولد النبوي وبعدها إلى إحياء المناسبة في باحة مدرسة بمدينة ضحيان في وقت حروب صعدة ثم بعد الحرب الثالثة في ساحة واسعة بمديرية سحار ظهر فيها القائد الشاب عبد الملك الحوثي في أول إطلالة له تناقلتها وسائل الإعلام والرأي العام بذهول شديد واهتمام دام طويلا وفيها ابرق السيد عبد الملك برسائل ساخنة في كلمته القوية التي تضمنت تحذيرات للسلطة من عواقب شن حرب خامسة ضد جماعته وهي التحذيرات التي تحولت لاحقا إلى واقع معاش وحقيقة قائمة على ارض الحرب .

 

الميدان يكمل الكلام

كلمة السيد عبد الملك العام المنصرم قال فيها للأعداء سنقاتل جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة ولن نستسلم .. وهاهو العام الثاني من العدوان على اليمن يلفظ أخر شهوره ولا زال الصمود متماسك الصفوف ولا زال أبطال الجيش واللجان الشعبية يخوضون معارك العزة والكرامة و الشرف في جبهات القتال .. يواجهون تحالف العدوان ببسالة وشجاعة أسطورية وينجزون من الانتصارات ملاحم لم تشهدها الدنيا منذ خلق الله الكون .

الهدوء المعتاد والكلمات المتماسكة المعاني ذات المدلولات العميقة .. كانت سمة الكلمة المقتضبة لقائد جرت العادة أن يستهلك ساعة في أي كلمة وكل خطاب .. لكنه هذه المرة أوجز الكلام واختصر القول مركزا على جزئيتين .. رسائل للداخل والخارج وبينهما إيجاز تاريخي يستعيد أحداث الكعبة وأصحاب الفيل وكفار قريش والنبي محمد .. لتحضر حكمة اليمانيين وبأسهم وإيمانهم في ثنايا كل حرف قاله .. كانت بحد السيف وبوقع الرصاصة وهو يخاطب آل سعود بأن انتظروا الجحيم القادم .

ليس للسيد وقت كاف على ما يبدو لتكرار أطروحات سبق أن تحدث عنها مرارا في عدة خطابات .

 

المولد القادم أين؟ !

من الواضح جدا أن القائد الشاب عبد الملك الحوثي يريد أن يجعل الفعل بعد احتفائية المولد النبوي هذه ؛ هو البديل الأنسب في التعامل مع تحالف الأعداء .

ما يدل أن ترقب ما سيجري عقب كلمة “أبو جبريل” يتطلب منا تركيز الأنظار إلى ما وراء الحدود وما بعد العمق السعودي وترقب معارك حسم في محاور القتال المحلية .. خاصة وقد حسمت ملفات الفراغ السياسي بمجلس سياسي أعلى وحكومة إنقاذ وطني منحت بالأمس ثقة البرلمان .. وتبقى فقط الانتظار لما سيحدث غدا .

والغد في خطابات ووعود السيد عبد الملك الحوثي ؛ دائما ما يكون قريبا ويصبح أقرب للواحد من حلمة إذنه ومن ظله .. قياسا بما أحرزه خلال السنوات الأخيرة من طي لافت لأطول المسافات البعيدة كما تطوى الصحف .

ما الذي سيجري بعد كل ما حدث وجرى؟.

اسألوا ميدان السبعين أين سيقام الاحتفال المركزي القادم بالمولد النبوي ؟!

ربما سيفشي لكم سرا ؛ لو قال في تلك البقعة التي أشار إليها الشاب الثلاثيني في بداية كلمته الليلة !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى