تقارير

الحناء.. ثقافة يمنية و موروث حضاري أصيل

 images (8)تقرير / صابرين المحمدي

حب التجمل والتزيين غريزة فطرية عند الإنسان، وتعبر المرأة اليمنية عن هذا الشعور الفطري بوسائل عدة متعارف عليها في التجميل البريء يرضى بها المحيط الاجتماعي، ويتقبلها الرأي العام كالحناء حيث تتفق اليمنيات  صغيرات وكبيرات، متزوجات وعازبات… على أن الحناء رمز لأفراحهن ومسراتهن، يتزين بها في المناسبات السعيدة، كالزفاف والعقيق والختان والأعياد الدينية وحتى الأيام العادية، لأنها رمز للحظ السعيد والفأل الحسن، بل وجالبة لفرص الزواج.

فكما هو معروف تعد الحناء بنقوشها المتعددة من زينة المرأة في العالم العربي بشكل عام، لكنها في اليمن تعد موروثاً شعبياً قديماً لا ينحصر بزينة اليمنيات ومناسبات الفرح فحسب، بل يتعدى ذلك بكثير كما ارتبطت بحكاية وأساطير عديدة.. ويُستخلص الحناء من أشجار تسمى الحناء وتشبه في أوراقها أوراق الرمان ويتم طبخها بالماء للحصول على الخضاب المعروف بالحناء..

وفي اعتقاد جل اليمنيات أيضا أن الحناء نبتة من نباتات الجنة، ولازمة من لوازم تزين العروس قبل أن تزف إلى بيت زوجها، حتى غدا نقش الحناء حرفة تمتهنها «النقاشات» على نطاق واسع بين اليمنيات  والأجنبيات على حد سواء.

ففي القديم لم تكن هناك مواد تجميلية، بل لم يكن هناك غيرها، ولذلك تعتبر “الحنّاء” بالنسبة – كانت وما تزال- المادة الجمالية الأولى فهي تعطي الشعر لوناً جميلاً برّاقاً، وتبث منه رائحة ممتعة، وكانت تستخدمه خلال فترات معينة بين الحين والآخر، وفي المناسبات الاجتماعية التي تتعلق بإحياء حفلة ما، وفي القديم كانت العروس تستعمل في زينتها “الحنّاء” فقط، بخلاف الوقت الحاضر، فهناك إقبال من الجيل الجديد من البنات عليه، ولكن بنسبة قليلة، أمّا في الحفلات فالاستعمال للماكياج الحديث فقط منهن .

ونتيجة للإقبال المتزايد على الحناء؛ غدت مهنة وحرفة تمتهنها النساء في بيوتهن وفي حرم الأولياء وفي الساحات العمومية وفي المدن والمآثر السياحية، وتسمى من تمتهن هذه المهنة “النقاشة..”
ولسهولة التواصل معهن يلجأن إلى كتابة أشعار على أبواب بيوتهن أو توزيع بطاقات إشهارية تحمل أسماءهن وأنواع نقشهن وأرقام هواتفهن…
تقول إحدى النقاشات: «عندما تأتيني واحدة من زبائني أعرض عليها ألبوم صور النقش كي تختار ما تحبه ويوافق ذوقها، وبعد ذلك نتفاهم على الثمن، فلكل نوع من النقوش مقابله حسب الوقت المستغرق أيضا، ومهنتنا هذه تتطلب نوعا من التركيز واستعمال الخيال».

وتقول أخرى: «الطلب يتزايد علينا في فصل الصيف، حيث تكثر الأعراس والحفلات، ويكثر أيضا توافد السائحات الأجنبيات اللائي يحببن أن يوثقن زيارتهن لليمن بالرسم على أيديهن أو أرجلهن.

وقد أثبتت التجارب وأكدت الدراسات العديدة أهمية مادة “الحناء” في شفاء أوجاع عديدة، وخاصة وجع الرأس، فمع استعمالها وبقاء تلك المادة على الرأس لأربع وعشرين ساعة تزيل الوجع، وتشفي الآلام التي تصيب أجفان العينيين، بالإضافة إلى ذلك عند استخدامها للأصابع سواء لليدين أو القدمين فأنها تشفي الحكة، وتساعد في تقوية الأصابع، وتبقى تلك المادة عرفاً اجتماعياً توارثتها النساء بالأخص، وما تزال محافظة على وجودها وخاصة في منطقة الجزيرة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى