استطلاعاتشريط الاخبار

الحرف اليمنية .. حضارة تندثر

الحرف اليمنية .. حضارة تندثر

الحرف اليدوية والمشغولات التقليدية موروث حضاري كبير تتوارثه الأجيال جيلاً عن جيل باعتباره ذاكرة الأمة وتاريخ وحضارة شعب، لكن للأسف هذه الذاكرة تعرضت للنسيان والإهمال حتى أصبح الحرفيون مجرد تجار يبيعون ويشترون المنتجات الحرفية المستوردة “هندية، إيرانية، صينية وغير ذلك” حول هذا الموضوع وآراء الحرفيين في إهمال أعمالهم و أشغالهم نزلت الهوية الى الشارع وجمعت عدة آراء نسردها في سياق الاستطلاع التالي :

استطلاع / صابرين المحمدي

تحتاج الى بنية تحتية

يقول سامح علي رغم الأهمية التي تحتلها الصناعات الحرفية في المجتمع والاقتصاد اليمني، فإنها بحاجة الى بنية تحتية لتطوير وتحسين هذه الصناعات لأنها لم تصل بعد الى المستوى الذي يليق بها وبأهميتها الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، ولا يعني ذلك عدم وجود بنية مؤسسية يمكن الارتكاز عليها لتحقيق هذا الهدف الذي نطمح الوصول إليه للارتقاء بهذه الحرف كماً ونوعاً، فقد عملت وزارة الثقافة جاهدة على إنشاء مركز للحرف اليدوية تتبعه العديد من المراكز الخاصة بذلك .

المشغولات الفضية مهمة

 بينما يقول وليد العيسي إن المشغولات الفضية في بلادنا اكتسبت أهميةً كبيرة لارتباطها بالعملة الفضية التي كانت تعرف باسم (ماريا تريزا) التي كانت متداولة أيام حكم الأئمة ، وكذلك زينة للنساء (المهر) أثناء الزواج ونعرف جميعاً أنه حتى فترة قريبة كان مهر النساء في اليمن من الحلي الفضية وعرفت حرفة الحلي والإكسسوارات الخاصة بالمرأة منذ ملكة اليمن (بلقيس) إذ كانت من أكثر نساء العالم اهتماماً بالحلي والمجوهرات والأحجار الكريمة ورغم ذلك نلاحظ تدهور هذه الحرف هذه الفترة .

المستورد يشوه الموجود

ويقول خبير الفضة سمير علي أن مهنة صناعة الحلي والفضيات هي مهنة متوارثة أباً عن جد وقد كان هناك حرفيون يهود يقومون بالعمل بهذه المهنة ،واشتهرت أنواع من الفضة باسم الأسر التي تعمل في صناعتها لكن للأسف حالياً بدأت تدخل الى السوق فضيات مستوردة تشوه الفضة المحلية الصنع.

عزوف الشباب سبب ذلك

فيما تأسّف الحرفي قاسم يحيى عميد الحرفيين عن عزوف الشباب عن تعلم حرفة النحاس، وذكر أنه بعد أن كان محله يضم ثمانية حرفيين، أضحى وحيدا دون عمل، ولا منحة تقاعد.

ورغم الأسى الذي يساوره على حال الحرفة التي كانت تعدّ الركيزة الأساسية للحياة اليومية، وتدخل كل بيت عبر الأواني المستخدمة في كل الاحتياجات المنزلية، أصبحت اليوم في تراجع مستمر، وقال بأنه “إذا استمر الحال على ما هو عليه فسوف يكون مصيرها الزوال” لذلك فهو يأمل أن يفي المسؤولون بوعودهم الرامية إلى دعم القطاع، كما يطمح بشغف وحب كبيرين لإعادة إحياء صناعة النحاس.

وعود كذابة

احمد مهيوب حرفي يحاول جاهدا الحفاظ على مهنته قائلا :”راجعت الكثير من الجهات التي تعنى بالتراث الشعبي ويؤكد بألم: ” كل ما يقال كان مجرد وعود فقط”.

هذه الحرفة تواجه اليوم العديد من التحديات منها صعوبة الحصول على المواد الأولية وتكاليفها الباهظة، هذا فضلا عن صعوبة النقل بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد.

ويضيف احمد بموتي سوف ينتهي تاريخ هذه الحرفة، لأن أصحابها هجروها من سنوات طوال، لافتا إلى ضرورة النظر في إمكانية الحفاظ عليها من قبل المنظمات المدنية التي تعنى بالتراث الشعبي.

المنافسة غير القانونية السبب

 ويقول سليم حسين إن مشكلتنا في الحفاظ على حرفنا لا تأتي من المنتجات الصينية، لكن من المنافسة غير القانونية التي تتألف من تجارة الأقمشة والملابس التقليدية التي لا يعرفون حتى كيف ينتجونها. لديهم بعض المال الذي يستثمرونه في الحرفيين الشباب، الذين لا يبحثون إلا عن حشو جيوبهم بالمال لكي يشتروا السجائر والمخدرات. وهم يبيعون ملابسهم بأسعار منخفضة لكي يسهلوا على أنفسهم ممارسة عاداتهم.

أما الحرفيون الحقيقيون، فهم ينتظرون عملاءهم، الذين يقررون في النهاية أن أسعار المنتجات أكثر انخفاضاً.

الأصالة يصنعها الحرفي

سعيد صالح حرفي في الأدوات الخشبية الخاصة بالمطبخ وأدوات الزينة يقول يجب على كل الحرفيين ان يتمسكوا بالحرف التي هم فيها لأنها آمنة يجب ان يحافظوا عليها لان الإنسان رغم التطور الذي يصل إليه فهو يبحث على الأصالة . والأصالة يصنعها الحرفي بأنامله الذهبية .

ويضيف سعيد ان السائح الأوروبي عندما يأتي عندنا فهو يريد ان يأخذ تذكارا خاصا بهذا البلد فهو لن يأخذ تلك المزهرية الصينية لهدا السياحة هي عنصر هام لتطوير الصناعة التقليدية.في الأخير اطلب من كل السلطات الحفاظ على هذه الأنامل الذهبية.

يعدها المواطن من الكماليات

يقول  فيصل علي  أنَّه رغم مضيّ نصف عقد من الزمان على امتهانه للنحت وتصنيع الأخشاب، إلا أن ظروف التسويق التي يعيشها القطاع الآن لم يمر في وقت سابق، ويعزو الأسباب إلى موجة الغلاء الكبيرة التي تجتاح السوق  اليمني .

ويضيف أن مثل هذه الصناعات يعدها السكان المحليون جزءا من الكماليات التي سببت عزوفا كبيرا من قبل المواطنين  ويبين أن السوق انحسر في بعض المشغولات المحلية وما يتعلق بالأعمال المنزلية، بدلا من إنتاج الأعمال التراثية التي يعتبر السياح سوقها.

وفيما يخص المشغولات التراثية يتابع فيصل علي ، أن سوقها الآن أضحى ضعيفا، وتتمثل في الشعارات والرموز والنقوش التراثية اليمنية على شكل ميداليات أو دروع أو أشكال فنية وزخرفات مستمدة من التراث الوطني اليمني.

الحرف في اليمن تدق جرس الخطر

 تقول الأستاذة هاله ياسين الصناعات الحرفية في اليمن الآن تدق جرس الخطر وتعلن عن وضع سيء يتدهور يوما بعد يوم، وإذا استمر الحال بهذا الشكل سنجد أنفسنا بعد عدة سنوات قليلة نفتقر إلى كثير من هذه الحرف لتصبح جزءا من الماضي الذي نحنّ إليه.

فالحرفيون لا يحظون بأي مزايا تتيح لهم الحصول على المواد الخام أو تعفيهم من الضرائب أو تساعدهم على الأقل في مجال تسديد فواتير الكهرباء لمحلاتهم..

وتضيف هاله الصعوبات التي تواجهها هذه الصناعة صعوبات كثيرة منها الإهمال الرسمي، فالحرفيون لا يحظون بأي مزايا تتيح لهم الحصول على المواد الخام أو تعفيهم من الضرائب أو تساعدهم على الأقل مجال تسديد فواتير الكهرباء لمحلاتهم، يتركون بلا حماية أمام ضغط المستورد الخارجي، السوق الآن التقليدي مليء بالبضائع المستوردة من الهند، من الصين، في منافسة شديدة للمنتج المحلي للحرفة اليدوية التقليدية.

وهناك 24 حرفة تقليدية في اليمن، وبلادنا مشهورة  بهذه الصناعات التقليدية القديمة جدا تجذب كل السياح الزائرين لليمن، فلماذا لا يوجد أي اهتمام؟

و تقول هاله  أيضا  لم يتبق أولا من الحرف التي كانت مشهورة في مدينة صنعاء حتى الأربعينات سوى 34 حرفة، الـ 24 حرفة التي تم توثيقها ومسحها من خلال المسح الذي قام الصندوق الاجتماعي للتنمية والهيئة العامة للآثار والمتاحف، هناك حرف مندثرة تماما، وهناك حرف في طريقها للاندثار وهناك حرف مهددة بفقدان الهوية وأهمها المشغولات الفضية والعقيق وصناعة الجنابي وصناعة العسْوَب، حرفة النجارة، حرف كثيرة الآن تتعرض منتجات مطلوبة جدا سياحيا وفي المقابل عمال لا يحظون بالاهتمام الكافي والتدريب الكافي يعني فلماذا هذا التغاضي عن هكذا صناعة يمكن أن تدر ملايين الدولارات للبلد؟

أنه ومنذ أكثر من 14 سنة ونحن نرفع أصواتنا لكي نلفت نظر الجهات المهتمة في الدولة إلى واقع هذه الحرف وإلى ما يمكن أن تدره على اليمن من دخل اقتصادي، من تخفيف من مستوى البطالة بين الشبان والشابات، من إحياء تراث ثقافي مهم، من كونها ستشكل رافدا مهما للدخل القومي في البلد من خلال تسويق المنتجات تسويق سياحي واليمن بلد يملك تراثا عريقا جدا في هذا المجال ومع ذلك حتى الآن لم يحظ هذا القطاع بأي اهتمام وحتى عندما بدأت الدولة تولي اهتمامها وأنشئ قطاع في وزارة الثقافة تم تعيين شخص لا ينتمي إلى هذا القطاع..

خلاصة القول

يأمل الحرفيون هنا ان تحظى أعمالهم بالدعم والرعاية والاهتمام من قبل كل المعنيين سواءً في الدولة أو في المجالس المحلية أو في كل من يهتم بهذه المهنة العظيمة ، وأن تخضع لدراسات وبرامج علمية هادفة تسعى في المقام الأول إلى الحفاظ عليها من الانقراض .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى