مساحات رأي

الحذر الجانب الحاضر في قمة الدوحة

محمد عايش
رد أنصار الله على الموقف الخليجي تجاههم، يبدو كرد من لم يفهم الرسالة الخليجية في بيان قمة الدوحة على وجهها الصحيح.

البيان وصف الحوثيين بالمحتلين وطالبهم بالانسحاب من مؤسسات الدولة ومن المناطق التي انتشروا فيها.
هذا يعني، في الحد الأدنى، أو في الوجه الأكثر إيجابية في الرسالة، أن القمة الخليجية لم تعتمد موقف السعودية والإمارات المتمثل في اعتبار الحوثيين جماعة إرهابية، وبرأيي فإن ما حدث في الدوحة يبدو كتعديل خليجي لموقف الرياض وأبو ظبي.
كلمات بعض قادة الخليج تحيل إلى تأكيد هذه الجزئية.. فأمير دولة الكويت غاية ما لمح به تجاه الحوثيين هو أنهم لم يلتزموا بـ”اتفاق السلم والشراكة”.
فيما كلمة أمير قطر تحدثت عن الأطراف المتصارعة في اليمن وليبيا وتمنى أن تصل تلك الأطراف إلى مصالحات مع حكوماتها.
الموقف العماني المتفهم لطبيعة الصراع في اليمن بشكل أفضل من بقية المواقف الخليجية، كما عبر عن ذلك وزير خارجية عمان مؤخرا بشكل واضح، يبدو كما لو كان هو المؤثر الأبرز على الموقف الخليجي في قمة الدوحة بحيث اكتفى البيان الختامي بالتعامل مع الحوثيين، توصيفا وإدانةً، بالاستناد على الوقائع السياسية والأمنية الصرفة في اليمن، دون الذهاب بعيدا ولحد تبني التهمة “الإرهابية” مثلا أو حتى مجرد تكرير التوصيف الشائع خليجيا عن كون الحوثيين “أداة” بيد طرف خارجي.
لا أرى الموقف الخليجي الأخير سيئا لهذه الدرجة بالنسبة للحوثيين، رغم أني أعرف حجم العدائية التي تضمرها السياسة الخليجية، السعودية تحديدا، تجاه المصلحة اليمنية وتجاه عديد أطراف وطنية.

هناك حذر واضح لدى السعودية خصوصا تجاه الحوثيين فهي لا تحبذ الدفع بهم إلى نقطة من الخصومة تشكل ضررا حتميا بأمن المملكة مستقبلا.
هذا الحذر هو صوت جناح بين الأجنحة متضاربة الرؤى والمواقف داخل العائلة الحاكمة ومؤسساتها السياسية الأمنية والاستخباراتية، فيما الجناح الآخر المتطرف هو ذلك الذي يدفع باتجاه تدخلات أمنية أو حتى عسكرية في اليمن إضافة إلى حزمة من العقوبات الاقتصادية تحديدا.
الجانب الحذر كان، فيما يبدو، هو الحاضر في قمة الدوحة.
فيما يخص رد الحوثيين فقد جاء منفعلا في جانب منه، ومحاولا التعقل في جانب آخر، لكن الانفعال كان السمة الرئيسة.
فهو رد بكيل الاتهامات للخليجيين من دعمهم للفساد والعبث في اليمن إلى تماهيهم مع المشروع الأمريكي للهيمنة حسب تعبيره دون أن يعير مسألة التباينات داخل الخليجيين والتي تلعب لمصلحة أنصار الله أي اهتمام.
لغة البيان تبدو كما لو كانت موجهة لطرف داخلي إجمالا وليس إلى طرف يشكل بمجمله مجمل الإقليم الذي يحيط بنا والذي ينبغي دفعه بأي قدر إلى موقع الحياد على الأقل.
فضلا عن ذلك فإن بيان أنصار الله
وقع في فخ المكابرة: فبينما أصلا وقع الحوثيون على الملحق الأمني باتفاق السلم والشراكة، الذي ينص على سحب لجانهم ونقاطهم؛ نجد البيان ينكر وجود ما يستحق الدعوة الخليجية لـ”سحبه”؛ من الأساس.!

أين الرد السياسي العاقل والمتوازن الذي رد به عبد الملك الحوثي بنفسه على إعلان السعودية إدراج جماعته في قائمة الإرهاب؟!! بل وأين الرد المتزن والذكي الذي ردت به الجماعة على الخطوة الإماراتية المماثلة؟!!
لا أدري، وليس المقصود بالطبع الانبطاح بل الرد بواقعية كالردين المشار إليهما.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى