الثائرون على حرف !
ان الثائرَ الذي يرتد عن ثوريته , وينقلب على عقبيه , عائداً إلى جلاديه , ومؤازراً طواغيته ؛ بدعوى (سرقة الثورة) , وخذلان البعض لها , ليس جديراً بلقب (ثائر) ولا (مناضل) , بل هو ( ثائرٌ على حرف )!
فالثوراتُ قد تواجه تحديات , وربما تُجهَض , ولكنها لا تُسرق ولا تموت , ما بقي الأحرارُ والحرائر.
فالثائرون لا يجبنون , ولا يستسلمون , ويتعين ألا يتعايشون مع العبودية , ولا يتكيَّفون مع الظلم ؛ بعد أن ثاروا, واستعذبوا حياة الحريةِ , والعزةِ , والكرامة.
نعم : الثائرون ليسوا مبرئين من القصور , والمثالب , وارتكاب الأخطاء. ولكن العلاج يكون بالصبر , والجَلَد , والأمل مع العمل , وعدم الاستسلام لمخططات الخصوم ومؤامراتهم , بل ويكون بتبيان مواطن الضعف والسعي للتغلب عليها , لا بعودة البعض إلى مناصرة جلاديهم , والارتماء بين أحضان قاهريهم , ومستغليهم , لا.. لا !
قد تجدون مَن يختزلُ الثورةَ ويرادف بينها وبين ما عُرف بـ(حكومة التوافق) , ويقرنون فشل الثورة بفشلها !
يا هؤلاء : إنها ليست حكومةَ ثورة ؛ بل هي حكومةٌ (تقاسمية) , وإن شئتم الدقة , هي (حكومة مؤاخاة) بين مَن ثرنا ضدهم , ومَن يُفترض بهم مشاركين في الثورة و(أنصارٍ لها) !
صحيحٌ أنَّ المعاناةَ مستمرةٌ , والفسادَ مستشرٍ! ولكن اعلموا أنهُ لا ثورات بدون تضحيةٍ , وبدون ثمن . ولا ثورات مجانية على هذه الأرض.
نعم , قد يتأخر النصرُ , وتُحاصَرُ الثورةُ , ولكن الثائرين الحقيقيين صادقون , صامدون , أنقيا , أوفياء , لا يخذلوا ثورتَهم . ولا يكونوا سبباً في إطالة أعمار مُستعبديهم , وبغاتهم أبدا.
اللهم أرزقنا الثبات والنصر , وجنبنا ( الثائرين اللفظيين ) , و( الثائرين على حرف ) يا أرحم الراحمين . آمين .. آمين .
