تقارير

"الإصلاح" و"المؤتمر" العودة إلى ما قبل (حرب 94)

كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن تحركات يقوم بها ثاني أكبر الأحزاب اليمنية “التجمع اليمني للإصلاح” لإعادة تطبيع علاقاته مع حزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح “المؤتمر الشعبي العام” الذي يعد أكبر أحزاب البلاد.

ونقلت “العربية- نت” عن تلك المصادر، أن هذا التحرك المفاجئ وغير المتوقع من جانب حزب الإصلاح الإسلامي، جاء على خلفية بسط جماعة الحوثي سيطرتها على محافظة عمران، والتي تقع على بعد 50 كيلومترا إلى الشمال من صنعاء، وذلك في أعقاب مواجهات شرسة انتهت بتقهقر المسلحين القبليين التابعين لحزب الإصلاح، وسقوط وحدة عسكرية ترأسها قيادات موالية للإسلاميين.

وكان حزب الإصلاح الإسلامي في صدارة الاحتجاجات التي عرفت بالربيع العربي في اليمن عام 2011 وأفضت عقب مواجهات محدودة وتسوية سياسية قائمة على مبادرة خليجية الى خروج الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة وتسليمها لنائبه عبد ربه منصور هادي بعد انتخابات رئاسية مبكرة ومتوافق عليها جرت في 21 فبراير 2012. وكان هادي المرشح الوحيد فيها، كما تشكلت حكومة وفاق وطني مناصفة بين حزب صالح “المؤتمر الشعبي” وأحزاب المعارضة السابقة “تكتل اللقاء المشترك”.

ولفتت المصادر إلى أن هذه التحركات تعبر عن استياء إخوان اليمن “الإصلاح” مما يعتبرونه تغاضيا من جانب الرئيس هادي عن الحوثيين وتمكينهم من تصفية وحدة عسكرية تابعة للجيش وظلت مصنفة بولائها للتيار الإسلامي، واتباع ذلك بقرارات تضمنت إقالة قيادات عسكرية محسوبة على الجناح الحليف للإسلاميين وأيضا نقل صلاحيات أمنية واسعة من وزير الداخلية، وهو تابع لحزب الإصلاح، إلى نائب الوزير.

ولوحظ خلال الأيام القليلة الماضية توقف وسائل الإعلام التابعة للإصلاح عن وصف الرئيس السابق بـ “المخلوع” بالإضافة الى عدم تناوله بأخبارهم وهو مؤشر على تحول في سياسة الحزب.

كما تصاعدت مطالبات قيادات إصلاحية بارزة، من بينها رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح زيد الشامي، بفتح حوار مع قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام التي لديها “شعور بمخاطر سقوط الدولة وانهيار النظام الجمهوري، وانزلاق البلاد نحو الفتنة”.

وقال الشامي في منشور له على صفحته بموقع التواصل “فيسبوك” إن “استمرار الحديث عن الرئيس السابق صالح وتحميله أسباب كل ما يحدث اليوم، وانشغال وسائل الإعلام بذلك يحتاج إلى تقويم وإعادة نظر”.

غير أن الشيخ توفيق صالح (نجل أخو الرئيس السابق علي عبد الله صالح ورئيس مجلس إدارة شركة التبغ والكبريت الوطنية سابقاً )، كتب  منشورا على صفحته بالفيس بوك , تعليقاً على أنباء عن وساطات يرسلها حميد الاحمر والاخوان المسلمين , وآخر تلك الوساطات زيارة علي محسن الاحمر إلى بيت الشيخ يحيى الراعي، رئيس مجلس النواب، التي أعتبرها مراقبون سياسيين أنها وساطة بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح والاخوان المسلمين وأولاد الشيخ الاحمر .

وقال الشيخ توفيق صالح عبدالله صالح آل عفاش – نجل اخو الرئيس السابق -( لو قبل الزعيم عودة الخونة أو التحالف من جديد مع الاخوان الذين باعوا الوطن فإنني ومجموعة من القياديين في المؤتمر والوطنيين من مختلف التيارات التي تنبذ الارهاب سنؤسس حزب جديد. هل أنتم معي في ذلك؟ )

وقد لاقى المنشور الكثير من التعليقات التي تصب معظمها في تأييد ما طرحه الشيخ توفيق صالح مستنكره ان يتحالف المؤتمر الشعبي العام مع الاخوان المسلمين والانقلابيين وجهال الاحمر بعد كل تلك الجرائم التي ارتكبوها في حق الوطن وفي حق كوادر المؤتمر سواء السياسية أو العسكرية والتي احصاها في تقرير أولي المتحدث باسم حزب المؤتمر واحزاب التحالف الوطني بأكثر من 255 كادر مؤتمري تم تصفيتهم لأسباب سياسية بحته .

وعلى المستوى الرسمي، استبعد عبده الجندي المتحدث باسم حزب “المؤتمر الشعبي العام” الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحلفائه تكرار قيام تحالف بين “المؤتمر” وحزب “الإصلاح” (إخوان اليمن).

وأوضح الجندي في تصريح لصحيفة ”السياسة” الكويتية  أن “اللجنة العامة للمؤتمر سبق أن دعت إلى مصالحة وطنية برعاية الرئيس عبدربه منصور هادي تستوعب كل القوى السياسية وتكون لصالح اليمن وأن لا تكون موجهة ضد أحد ولا من باب الدعوات الثأرية أو الإنتقامية لأن اليمن لم يعد يتسع لمثل هذه الصدامات والمناكفات والمزايدات التي يتضرر منها الجميع”.

ووصف دعوة رئيس كتلة حزب “الإصلاح” في مجلس النواب زيد الشامي لإعادة التحالف مع المؤتمر بـ”العقلانية”, مضيفاً “لكننا نريد أن تتحول هذه الانفعالات إلى واقع وتغيير الخطاب الإعلامي للإصلاح ولا نريد من هذه الدعوات أن تستهدف قوى سياسية معينة”.

واعتبر “هذه الدعوة ردة فعل على ما حدث في عمران الذي كان خطأ ونحن لا نريد التحالف مع الإصلاح ضد الحوثيين في وقت لا نحمل الحوثيين وحدهم مسؤولية ما حدث بل ونحمل الإصلاح كذلك المسؤولية, وسبق لنا أن تحالفنا مع الإصلاح ضد الحزب الاشتراكي ولا نريد تكرار تحالف كهذا ضد أي قوى سياسية”.

ودعا الجندي الحوثيين إلى التزام تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتسليم أسلحتهم للدولة, مطالباً “الإصلاح” بالقيام بالخطوة نفسها وتسليم الأسلحة التي نهبوها من معسكرات الجيش في العام 2011.

وكانت مصادر سياسية يمنية مطلعة، أكدت الثلاثاء الفارط، أن السعودية تجري اتصالات في اليمن من اجل تحقيق مصالحة عامة بين اطراف النزاع السياسي الذي اندلع في البلاد عام 2011، لاسيما بين الرئيسين السابق والحالي وحزب الاصلاح (اسلامي) بهدف مواجهة تقدم الحوثيين. حسب ما ذكرته وكالة “فرانس برس”.

واكد مصدر سياسي مطلع على الاتصالات السعودية، ان المملكة “تجري هذه الاتصالات لتحقيق مصالحة عامة بين اطراف ازمة 2011”.

واشار المصدر بشكل خاص الى الرئيس السابق علي عبدالله صالح والحالي عبدربه منصور هادي والتجمع اليمني للإصلاح، وهو اكبر حزب اسلامي يمني، واللواء علي محسن الاحمر الذي انشق عن صالح، وزعماء آل الاحمر، القادة التاريخيين لتجمع قبائل حاشد النافذة.

واكدت مصادر سياسية متطابقة ان هدف التحرك السعودي يأتي لمواجهة الحوثيين والذين باتوا يسيطرون على اجزاء واسعة من شمال اليمن، من صعدة في اقصى الشمال الغربي، وصولا إلى صنعاء.

 وبحسب هذه المصادر، فان زيارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى جدة الاسبوع الماضي اتت في هذا الاطار.

وتمكن الحوثيون الاسبوع الفارط، من السيطرة على عمران التي تبعد 45 كيلومترا فقط عن صنعاء، كما استطاعوا اقتحام مقر اللواء 310 الذي يقاتلهم منذ اشهر في المحافظة، فيما قتل قائده العميد حميد القشيبي الذي كان يتهمه الحوثيون بانه مقرب من التجمع اليمني للإصلاح ومن اللواء علي محسن الاحمر.

والحوثيون متهمون بانهم يسعون للسيطرة على اكبر قدر من الأراضي في شمال اليمن تحسبا لإعلان اليمن دولة اتحادية بموجب نتائج الحوار الوطني.

إلّا ان الحوثيين الذين يشاركون في العملية السياسية ينفون هذه الاتهامات ويؤكدون انهم ليسوا في مواجهة مع الدولة، بل مع التجمع اليمني للإصلاح الذي يصفون اعضاءه ب”التكفيريين”، ومع اللواء الاحمر الذي قاد الحروب الست ضد الحوثيين بين 2004 و2010 عندما كان الذراع اليمنى لعلي عبدالله صالح قبل أن ينشق عنه خلال الاحتجاجات الشعبية في 2011.

من جهة ثانية، اكدت مصادر محلية، أنه تم استكمال انسحاب كتائب اللواء 310  من منطقة جبل الضين الاستراتيجي المشرف على الطريق بين عمران وصنعاء.

وشكل الجبل محورا رئيسا للمواجهات بين مليشيات الاصلاح والحوثيين. وقال مصدر محلي ان “ثمانية كتائب من اللواء 310، انسحبت من جبل الضين ويتم استبدالها بوحدات من الجيش قادمة من صعدة” شمالا حيث معقل الحوثيين، وذلك بموجب اتفاق اشرفت عليه لجنة رئاسية.

واكد المصدر ان “ما يحصل هو تصفية تامة للواء 310″ الذي حارب الحوثيين اعتبارا من فبراير الماضي، و”يؤكد ايضا فوز الحوثيين”.

إلى ذلك، أكد مراقبون سياسيون أنه لو تم وعاد التحالف بين المؤتمر والاصلاح، فإن ذلك يعني عودة حلف ما يطلق عليه (حلف 7/7) أو (عصابة 7/7 ) إذ هم نفس الشاكلة، تحالف العسكر والقبلية والدين، وهم انفسهم من نهب وقتل وأفتى وحكم.

ويعتقد المراقبون، أنه ربما أن العصابة التي استفردت بالحكم والثروة والإنسان، اكتشفوا الأن، أن الثورة والتغيير ليس في صالحهم. وربما، يدركون أن بقاءهم يفرض عليهم العودة في البلاد إلى زمن حرب 1994م.  حين قررت تلك العصابة، اجتياح الجنوب وتحويله إلى مستعمرة قبليه رافقها عمليات فيد ونهب وسلب وبلطجة بحق الإنسان وتجيير كل شيء لأطراف معينة، بسلطة البنادق وفوهات المدافع وفتاوي طازجة دعمت استباحة حرمة الدم والإنسان وتكفيره، محاولة منهم لإجهاض أي مشروع وطني ، بل وصل الأمر إلى أنه بعد حرب صيف 94م، كان ينظر إلى المواطن الاشتراكي، بنظرة عدوانية واقصائية، في محاولة لطمسه من خارطة الوطن وإلغاء حقه في العيش ومصادرة مواطنته ومقرات حزبه.

محللون سياسيون، تحدثوا حول هذا التحالف الجديد القديم، على أن الاصلاح يسعى  من وراء هذا التحالف إلى جر المؤتمر لشن حرب ضد شمال الشمال، ضد الحوثيين، وكما لو أن حزب الاصلاح يريد أن يرد الصاع للمؤتمر، الذي كان تحالف مع الاصلاح لشن حرب على الجنوب والحزب الاشتراكي.

وأوضح المحللون، إلى أنه في حال نجح الاصلاح بالتحالف مع أن المؤتمر، فإن هذا يعني انفراط  عقد تحالف اللقاء المشترك، بما يعني أن الحزب الاشتراكي وكذلك، الناصري، لن يجدوا لهم مكان في تحالف المؤتمر و الاصلاح .

وأكد المحللون إلى أنه قد يتم نشوء تحالف أخر سيجمع كل المتضررين من المؤتمر والاصلاح في تحالف واحد، مشيرين إلى أن الحوثيين في الشمال والحراك في الجنوب، بالإضافة إلى انضمام القوى الأخرى إلى هذا التحالف لمواجهة مراكز القوى في المؤتمر والاصلاح.

وأوضح المحللون السياسيون، أن عودة المؤتمر والاصلاح إلى التحالف القديم، سيفقدهم كثير من الأنصار التي سيكتشف لها أن مراكز القوى في هذا التحالف لا يفكر إلا بالمصالح الشخصية لقياداته، في حين تضع تضحيات قواعدهم في سلال الإهمال، ودون مراعاة لمشاعرهم في فقدان كثير من الذين قدموا دمائهم في صراعات الطرفين، وخاصة، بعد قيام ثورة التغيير2011م.

=——————————————————

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى