تقاريرعناوين مميزة

الأمم المتحدة تساوم اليمنيين.. الإغاثة مقابل الاستسلام

الاغاثة في اليمن نكث بالتعهدات، ازدواجية معايير وابتزاز سياسي ترجم بمحاولات انتزاع تنازلات من صنعاء مقابل التقديمات الإنسانية… تلك هي سمات أداء منظمات الأمم المتحدة التي لم تخفف من حجم المعاناة الإنسانية لليمنيين في ظل الحرب والحصار المستمرّين

الهوية – رشيد الحداد.

 

في نظرة على أداء الأمم المتحدة تجاه اليمن خلال الحرب، يتضح أن المنظمة الدولية لم تقم بدور جدّي من شأنه أن يخفف من معاناة اليمنيين، بل لربما هي ضاعفت هذه المعاناة بعدم وفائها بالالتزامات التي قطعتها للحدّ من مآسيهم ورفع الحصار وتقديم مساعدات للمحافظات اليمنية كافة.

وكشفت عدد من الوثائق عن الدور السلبي الذي أدته المنظمة. وتبيّن هذه الوثائق أن أكثر من شحنة غذاء حملت شعار الأمم المتحدة انطلقت في البحر لكنها لم تصل، وغيرها من التي وصلت في إطار الاستجابة العاجلة ولكنها تعرضت لمحاولات السحب من ميناء الصليف بعد بدء التفريغ، مثل السفينة «سي أثينا»، التي دخلت ميناء الصليف بتاريخ 23 من أغسطس الماضي، ثم طالب برنامج الغذاء العالمي بسحبها تحت مبررات واهية، وغيرها العديد من الشحنات التي ضل سبيلها إلى مستحقيها.

الوثائق أكدت أيضاً أنّ الأمم المتحدة أدت دورا صوريا لم يتضح أثره في أرض الواقع. فالوعود التي قطعها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة الطارئة ستيفن أوبراين، أثناء زيارته لصنعاء، في العاشر من أغسطس الماضي لم تترجم، ولاسيما الوعود المتعلقة بـ«إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في اليمن أينما كانوا وحيثما كانوا»، واعدا حينها بالعمل على التخفيف من معاناة اليمنيين، التي قال إنها تفوق حجم المساعدات المتوافرة وبالعمل على حشد الجهود الدولية لزيادة المساعدات. وكشفت إحدى الوثائق أن السعودية التي التزمت الإسهام في خطة الاستجابة الإنسانية في العام الماضي بـ274 مليون دولار، لم تسلمها بعد للأمم المتحدة وهو ما أعاق دور الأخيرة.

وتعزو مصادر مطلعة هذا التلكؤ من جانب الأمم المتحدة إلى كون ممثليها يؤدون دور «المقايض» لخدمة السعودية. كذلك، لم يحمل ممثلو المنظمة الدولية الذين وصلوا إلى صنعاء خلال الفترة الماضية أي آمال للشعب اليمني بل حمل جميعهم أهدافاً سياسية لا إنسانية، محاولين الحصول على تنازلات سياسية مقابل تقديم مساعدات إنسانية. ووفق الوثائق، فإن العديد من مملثي الأمم المتحدة الذين زاروا صنعاء طالبوا «اللجنة الثورية العليا» بتقديم المزيد من التنازلات برغم تأكيد «اللجنة» التزامها تقديم كل التسهيلات للأعمال الإنسانية واحترام مواثيق الأمم المتحدة.

كذلك، تؤكد أكثر من وثيقة صادرة من «اللجنة الثورية العليا» ومذيلة بتوقيع رئيسها محمد علي الحوثي إلى الممثل المقيم للأمم المتحدة في صنعاء، إحداها صادرة بتاريخ 21 سبتمبر وأخرى في منتصف الشهر الماضي، يبدي فيها الحوثي استغراب «اللجنة» من عدم التفاعل الجاد في تغطية الاحتياجات الطارئة للمواطنين اليمنيين من جانب الأمم المتحدة، الذي يعد بمثابة إنقاذاً للحياة. وأشارت الرسالة إلى أن عدم إيفاء الأمم المتحدة بالالتزامات التي وعدت بها سيفقدها المصداقية ويعطي انطباعاً سلبياً عن الدور الذي تقوم به مع منظماتها. ولفتت إلى أن كل الالتزامات التي وعدت بها المنظمة الأممية عبر المدير الإقليمي لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لليمن عامر داودي في 27 من ابريل الماضي وستيفن أوبراين للشعب اليمني، لم تنفذ حتى الآن. وأكدت «اللجنة» أنها نفذت من جهتها كل الالتزامات التي قطعتها خلال لقاءاتها بالمسئولين الدوليين.

ومن ضمن المطالب الملحة التي طالبت بها «اللجنة الثورية» كانت زيادة المساعدات الإنسانية العاجلة وإغاثة المناطق المتضررة التي تعرضت لقصف كثيف من قبل الطيران السعودي، وأولئك الذين يعيشون ظروفاً كارثية في ظل الحصار والعدوان وخصوصاً سكان المناطق الحدودية في محافظتي صعده وحجة الذين يتعرضون لقصف مباشر من قبل مدفعية السعودية.

وأكدت الوثائق أداء الأمم المتحدة دوراً غير حيادياً في الحرب على اليمن، إضافةً إلى أن خطط الاستجابة الإنسانية الطارئة ضلت طريقها في إغاثة المحتاجين وبرامج التدخل الإغاثي السريع غرقت في دهاليز سياسية لعدم وجود آلية تنسيق واضحة وشفافة في العمل الإنساني. ولم تستند المنظمات العاملة تحت راية الأمم المتحدة على قاعدة بيانات واضحة وأولويات تمكنها من تحقيق مبدأ العدالة في عملية توزيع المساعدات الإنسانية للمناطق الأشد تضرراً من العدوان والحصار، إلى جانب ازدواجية المعايير التي تتبعها تلك المنظمات في تحديد الاحتياجات. ولذلك ركزت المنظمات العاملة في المجال الإنساني على مناطق دون أخرى وتجاهلت مناطق أكثر مأساوية من غيرها. ووجهت الإمدادات الغذائية إلى مناطق لم تتعرض لغارات من العدوان ولم يتعرض سكانها لأي جرائم شبيهة بتلك التي شهدتها مناطق الحدود مثل صعدة وحجة أو أحياء صنعاء السكنية. ونظراً لذلك اتسعت الفجوة بين التخطيط لاحتياجات المواطنين واحتياجهم الفعلي، في ظل ضآلة المساعدات المقدمة لليمن مقارنة بحجم الكارثة الإنسانية التي خلفها العدوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى