ارتداد المكر على أهله..!
سند الصيادي
هددت واشنطن ذات يوم وفدنا الوطني بتركيعنا اقتصاديا , وبجعل قيمة عملتنا الوطنية لا تساوي قيمة الحبر المطبوع عليها , ومن يومها دشنت امريكا وتحالف العدوان التنفيذ عمليا لهذا التهديد من خلال جملة من الاجراءات العدوانية على الاقتصاد اليمني مستخدمة كافة الوسائل والسبل.
وعلى غرار الصمود العسكري والامني والمجتمعي , كان الصمود الوطني امام التحديات الاقتصادية الكبيرة والهائلة , و تجاوزنا بفضل الله و عزائم الرجال ذروة الانهيار الكلي الذي خطط له العدوان , و لم يؤتي نتائجه المرتجاة التي كان يراهن عليها , رغم فاعلية هذه الورقة في تحقيق الاستسلام و تركيع الكثير من الأوطان في تجارب سابقة.
اتأمل اليوم واقع هذه التهديدات و نتائج هذه المؤامرات, على اكثر من بعد و ارتداد , فالعملة الغير قانونية التي اشرفت امريكا و ادواتها على طباعتها في سياق الحرب الاقتصادية بغية احداث انهيار كلي للعملة الوطنية, تباع اليوم بثمن بخس امام العملة القانونية , و يرفض المواطن في المناطق الحرة حيازتها او مبادلتها , بعد ان تكامل الوعي الشعبي بخطورتها على الاقتصاد .. مع الاجراءات الرسمية التي حدت من انتشارها والتعامل بها.
بالمقابل , اصبح برميل النفط الذي يشكل عصب اقتصاد دول تحالف العدوان بما فيها الولايات المتحدة الامريكية , لا تساوي قيمته ثمن البرميل الفارغ الذي يحتويه.. بعد تصاعد الازمات السياسية وكوارث كورونا , وسط مؤشرات بانهيار تاريخي لمنظومة ومفاصل الاقتصاد الراسمالي العالمي العدائي على الشعوب والامم و الانسانية.
ولا يتوقف الامر عند هذه الجزئية وحسب , بل ان العزلة والحصار المفروض علينا جورا و ظلما , اصبح سلوكا عالميا يفرضه العالم المتقدم على نفسه في مسعاه لمواجهة تداعيات الجائحة , فيما نحن نلمس بعض ايجابياته , و نرى فيها مجرد عبرة لا سببا ماديا.
وفي هذه المفارقات الملموسة والمعاشة يتضح المكر و ارتداده على اهله , و لا مجال لادعاء المبالغة أو الحديث عن صدفة , انها سنن الهية وجب التوقف عندها بتأمل عميق , و بوعي متزايد من ان الأرض لله والامر له وحده , هو من يصنع التحولات و يوفر لاجلها الاسباب , و يترك لنا العبرة , إما هداية او زيادة في الضلال.