تقارير

إيران ترتدي عباءة آل سعود وتنفخ في كير السياسية

 

الهوية – خاص.

images (2)هناك شعوب ساذجة في التفكير لكنها ماهرة في التقليد، فمثلا، الصينيون لا يخترعون بقدر ما يقلدون ابتكارات الآخرين، وعلى ذات الشاكلة تمضي السياسة الإيرانية، في تقفي أثر تجارب السياسة السعودية،  حيث تتبنى السياسة الإيرانية إعادة تدوير إستراتيجية خطيرة ومخادعة، لطالما، تبناها النظام السعودي لعقود من الزمن، من خلال تسمين منظومة التفكير السلفية الوهابية ، التي خرج من عباءتها واتبع منهجها وتربى في أحضانها ونشر فكرها الفاسد في كل العالم ومن خلال الدعم المالي السعودي غير المحدود والذي لو استثمر بشكل يخدم القضايا العادلة لهذه الأمة وشعوبها وعلى رأسها وأهمها كرامة وحرية الفرد وصيانة حقوقه الشخصية والمدنية والقانونية وضمان عيشه الكريم ورفاهيته وحرية العبادة والتعبير عن الرأي وتفعيل دوره في مساندة قضايا وهموم الناس من حوله والقضايا العادلة لكل الشعوب المظلومة في كل العالم وعلى مدار تلك السنين السابقة، لمَا وصل بنا الحال لما نحن فيه اليوم من تراجع وتخلف وضعف في كل مجالات الحياة والتي ألقت بظلالها القاتمة على الأوضاع الاجتماعية المزرية لكل شعوب المنطقة.

 ولطالما، عمل آل سعود على توصيل تلك الأفكار الهزيلة من خلال الدعم الإعلامي والفضائي والإنترنت غير المسبوق و”المسعور أحياناً” والترّويج المكشوف لشيوخ السلفية كأشخاص وكمنظومة أفكار حيثما كانت أماكن تواجدهم في هذا العالم وذلك كله بهدف خلق حالة من التغييب والتضليل والتدليس باسم “الدين” السلفي يطال عامة شعوب المنطقة “المتدينة” أو التي عندها نفحة إيمانية معتدلة وسليمة في فطرتها، بالإضافة إلى إثارة الفتن المذهبية والعقائدية والاجتماعية في مختلف شرائح المجتمع في معظم أو حتى كل الدول التي وصلها هذا المد السلفي السعودي وتلك السياسة السعودية السلفية الفاشلة.

لقد كان هذا الدور السلفي السعودي في اليمن قبل الثورة، همه تدمير البنية الاجتماعية وتفعيل دور الفتنة الطائفية في المجتمع وتدمير الاقتصاد الوطني المحلي والتبعية الاقتصادية لاستثمارات آل سعود وأمريكا والصهيونية الإسرائيلية، وتم ذلك من خلال أدوات وشخصيات سلفية معروفة وبارزة للجميع.

ويبدو أن الإستراتيجية السعودية، أصبحت سفرا سياسيا اعتنقته السياسة الإيرانية، بكل ما يحمل من وضاعة، يتهجون حروفه بطريقة ملثوغة غير آسفين، وفي أكثر من مجال ومكان في اليمن. وربما هذا ما يجعلنا نحذر من الدور الذي تلعبه إيران الآن، وسوف تلعبه أجهزة مخابراتها وأدواتها في اليمن، وفي نفس الوقت ننبه كل القائمين والعاملين والناشطين  والحريصين على اليمن أرضا وإنسانا، بأن يأخذوا حذرهم من تلك المحاولات الحاقدة، وأن يعوا خطورة ما يقوم به الإيرانيون، والذين يسعون لتأسيس مراكز وخلايا في اليمن، مستغلين أوضاع البلد لبناء شبكات تتقيد بأوامرهم.

لطالما، حاول الإيرانيون، عبثا، الإيهام والإيحاء بأن أنصار الله “الحوثيون”، يتبعون سياستهم التي رسموها لهم، وبأنهم يقومون بتنفيذ أجندتهم في اليمن، يساعدهم في ذلك الإعلام التضليلي الذي تمارسه آلة الكذب الإخواني، والتي تساهم بدرجة كبيرة في التشويش وتضليل الحقيقة، غير أن الواقع عكس كل ذلك، فالإيرانيون بعد ثورة التغيير التي شهدتها اليمن (2011) إلى اليوم فشلوا في الإيقاع بالحوثيين في شراكهم، حيث كان يأمل الإيرانيون بأن أنصار الله “الحوثيين” سيرفضون الدخول والمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبالرغم من أن أتباع إيران في اليمن، رفضوا الحوار كجناح الحراك التابع لـ”علي سالم البيض”، و”حسين الأحمر” و”أحمد سيف حاشد” و”سلطان السامعي” وغيرهم من الأتباع الذين جندتهم المخابرات الإيرانية، غير أن آمالهم تبعثرت عندما أعلن أنصار الله دخولهم الحوار والمشاركة بقوة، بل أنهم دفعوا ثمن ذلك، غاليا، وفقدوا عقول ومفكرين وسياسيين أمثال الدكتور أحمد شرف الدين والدكتور عبد الكريم جدبان.

في الفترة الأخيرة، وكما لو أن الإيرانيين، وصلوا إلى قناعة تامة بأنه بات من الصعب أن يكون الحوثي، في أيديهم كما كانوا يعتقدون أن يكون، مجرد تابع مطيع لهم منفذ لأوامرهم، لذلك هاهم اليوم، يحاولون سلك طريقا آخر، من خلال محاولتهم توسيع الفكر الجعفري في اليمن، وهي محاولة لصناعة أداة تكون بيدهم يستخدمونها في مشاريعهم القادمة، كما يفعل النظام السعودي الذي استغل السلفيين في تنفيذ مشاريعه في اليمن.

وربما أن فشل المخابرات الإيرانية، في تشكيل الأحزاب السياسية في اليمن، دفعه إلى اللجوء إلى ممارسة هوايته المفضلة، حيث من عادته أن يجعل من الحسينيات واجهة تغطي عمله السري لتجنيد الأتباع، وترتيب زيارات شبابية ممنهجة إلى إيران.

وكشفت مصادر مطلعة لـ”الهوية” قيام شخص يدعى (ع . س) وآخر(م .ج) وغيرهما ممن جندتهم إيران للقيام بافتتاح “حسينيات ” خلال الأسابيع الماضية، في أكثر من مكان في اليمن، وتمارس نشاطا دينيا علنيا، ونشاطا سريا تتحكم فيه المخابرات الإيرانية.

كما أن المئات من الشباب اليمنيين، من جميع القوى السياسية ، زاروا إيران في العام الماضي، حيث يرتب الإيرانيون، بعثات طلابية الهدف المعلن منها الدراسة ، لكن يجري للطلاب تثقيف سياسي مكثف لضمان تحويل الولاء إلى الدولة الإيرانية.

وبالتزامن مع افتتاح الحسينيات، وسعي إيران لنشر الفكر الجعفري في اليمن، قالت مصادر استخباراتية أنها توصلت إلى معلومات عن توجه تصعيدي لحلفاء إيران في اليمن.

وكشف مصدر أمني مطلع عن وجود مخطط تصعيدي غير مسبوق في هذا العام 2014 الذي يمثل بالنسبة للحراك الجنوبي المتطرف بزعامة البيض مرور 20 عاماً على حرب صيف 1994، حيث أن الفصيل المتطرف في الحراك الجنوبي الذي تدعمه طهران لديه برنامج تصعيدي يتضمن تسيير تظاهرات مليونية شبيهة بمسيرات سابقة وقعت فيها مصادمات دموية مع الأمن وسقط فيها ضحايا، وسوف تنظم في مناسبات قادمة من بينها يوم 27 أبريل الجاري الذي يصادف ذكرى خطاب شهير للرئيس السابق علي عبد الله صالح يعتبرونه “خطاب حرب” مهد للحرب التي اندلعت يوم 4 مايو 1994، وكذلك بمناسبة يوم 21 مايو الذي شهد إعلان البيض الانفصال في 1994، وفي ذكرى الوحدة اليمنية 22 مايو، وفي يوم 7 يوليو الذي يصادف انتهاء تلك الحرب بانتصار نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح وهزيمة تيار الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض.

وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قد وجه لإيران مؤخرا اتهاما علنيا وصريحا بالتدخل في الشئون الداخلية، داعياً إياها إلى كف يدها عن اليمن. ففي الأسبوع الفارط، قال الرئيس عبد ربه منصور هادي، في حديث صحافي أجرته معه صحيفة “الحياة” اللندنية: “للأسف ما يزال تدخل إيران قائماً، سواء بدعمها الحراك الانفصالي أو بعض الجماعات الدينية في الشمال، وقد طلبنا من أشقائنا الإيرانيين مراجعة سياساتهم الخاطئة تجاه اليمن، لكن مطالبنا لم تثمر حتى الآن.. لا توجد لدينا أي رغبة في التصعيد مع طهران لكننا في الوقت ذاته نأمل بأن ترفع يدها عن اليمن، وتعمل لإقامة علاقات أخوية وودّية، وتتوقف عن دعم كل التيارات المسلّحة والمشاريع الصغيرة”.

وكان الرئيس هادي، في محاضرة سابقة له ألقاها في مركز ودرو ويلسون الدولي بواشنطن (سبتمبر 2012) أكد  قيام إيران بتوسيع رقعة أهدافها في اليمن وحاولت استقطاب الإعلاميين والمعارضين السياسيين, كما حاولت إجهاض التسوية السياسية في اليمن والتي تمت وفقا للمبادرة الخليجية واعتبرتها مؤامرة سعودية أمريكية.. موضحا أن إيران هدفت من وراء كل ذلك إلى إيجاد حالة من الفوضى والعنف وإحداث فراغ أمني وسياسي في اليمن لكي تستفيد من الأوضاع المضطربة في هذا البلد لتمرير أجندتها في المنطقة, وسعيا نحو جعل اليمن نقطة انطلاق لممارسة دورها الإقليمي واستهداف دول الخليج العربي بما يتماشى مع أطماعها الإقليمية والتوسعية ومساعيها لزيادة نفوذها في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي, مهددة بذلك خطوط الملاحة الدولية والمصالح الغربية في المنطقة”.

ويعتقد مراقبون ومهتمون أن إيران تهدف إلى زيادة قوتها الإقليمية واستباق أي خسائر يمكن أن تلحق بها نتيجة لثورات الربيع العربي، فاليمن بمشاكله العديدة وتركيبته السكانية وموقعه الجغرافي المتميز على طرق الملاحة الدولية يوفر لإيران قاعدة مناسبة ليس لخوض حرب مفتوحة مع الغرب ولكن ربما لشن حرب غير نظامية وغير مكلفة على المصالح الغربية في المنطقة وعلى طرق الملاحة الدولية في البحر العربي ومضيق باب المندب وأجزاء من البحر الأحمر بما يمكن إيران، على أقل تقدير، من تعطيل جزء مهم من خطوط الملاحة الدولية.

كما أن إيران تعمل بشكل متزايد على إيجاد معارضة قوية في الشارع اليمني للحرب التي تشنها الولايات المتحدة بالشراكة مع الحكومة اليمنية ضد جماعات (القاعدة) هناك. وتسعى إيران كذلك لخلق منطقة نفوذ في هذا الجزء المهم من العالم بأي ثمن حتى وإن تطلب الأمر مد جسور التواصل مع (القاعدة) التي يمكن أن تمثل حليفا مرحليا مهما يشاركها الأجندة ذاتها وإن اختلفت الأهداف.

ووفقاً للباحث الأكاديمي والمتخصص في الشئون الأمنية والصراعات الدولية (ياول غوزانسكي) فإن أهم الأهداف التي توليها إيران من وراء تدخلاتها المستمرة في اليمن يكمن في ضمان استحالة حل المشاكل السياسية في اليمن بدون التدخل والوساطة الإيرانية. وتسعى إيران كقوة إقليمية إلى تحقيق أهداف مستقبلية في المنطقة أهمها الحصول على قاعدة من الأرض تتحكم فيها وتدخل تحت قبضتها في اليمن.

وبحسب تقرير فيدرالي أمريكي, قال إن إيران نشرت 30 ألف عنصر استخباراتي إيراني في دول عدة حول العالم وعلى رأسها اليمن, مشيراً إلى أن صلات الاستخبارات الإيرانية تمتد إلى الكثير من المنظمات, بما في ذلك تنظيم القاعدة وفروعه الممتدة حول العالم.

وفي تقرير استخباراتي يمني, نشرته وسائل الإعلام في يناير 2012, كشف عن مخطط إيراني توسعي في اليمن يهدف إلى السيطرة على الساحة السياسية من خلال إنشاء أحزاب موالية لطهران وتمويل جماعات ونخب ثقافية وسياسية ومنابر إعلامية للعب دور سياسي يتبنى الرؤية الإيرانية تجاه الأحداث في المنطقة.

وأوضح التقرير أن إيران وعبر عناصر تابعة لها من يمنيين ولبنانيين وسوريين وإيرانيين في أوروبا يعملون على تجنيد واستقطاب قوى وعناصر سياسية وإعلامية بصورة حثيثة داخل اليمن وخارجه من الطلاب المبتعثين للدراسات العليا والعناصر المعارضة في الخارج.

وتحدث التقرير عن قيام طهران بإنشاء وتمويل أحزاب يمنية، وأن هناك تنسيقا على مستوى رفيع مع قيادات في الحراك الجنوبي لإعلان تحالف سياسي استراتيجي ينسق المواقف والتوجهات للطرفين.

وبين التقرير أن نحو ثلاثين قياديا برلمانيا وسياسيا من مختلف الأحزاب والتكتلات السياسية هم من ينسق في الداخل أنشطة ما يطلق عليه “حركة إنهاء الوصاية الخارجية على اليمن” وأن مسؤولين تم إعفاؤهم من مناصبهم في الجيش اليمني والمؤسسة الأمنية إبان حروب الحكومة ضد الحوثيين يعملون على تجنيد أنصارهم في الجيش والأمن لتشكيل جبهة موحدة تعمل لتحقيق أهداف إيران.

واستثمرت طهران الفترة التي رافقت العملية التوافقية والصراعات الداخلية وانشغال الحكومة الحالية بقضايا الأمن ومحاولة إعادة الاستقرار إلى البلاد لتدشين مشروعها في اليمن على المستوى السياسي والإعلامي والاجتماعي والمذهبي، وحققت نجاحا ظهرت مؤشراته من خلال تنامي قوة تيار إيران في اليمن الذي يضم تحالفات متنوعة تعمل جميعها لصالح هدف واحد ترسمه المؤسسات الإيرانية في طهران.

وتشير التقارير الأمنية والدراسات والمعلومات ذات الصلة إلى أن طهران استطاعت خلال فترة وجيزة تحقيق نجاح كبير من خلال الاستفادة من سقوط نظام صالح؛ حيث عمدت طهران إلى ملء الفراغ الذي أحدثه غياب صالح والدعم الذي كان يقدمه نظامه لكسب ولاء شيوخ القبائل والشخصيات الاجتماعية في مناطق الشمال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى