تحليلات

إمبراطور الفساد

 هناك مثل شعبي يقول “يموت المزمر وأصابعه تلعب!!”.. مثل قديم يشبّه الذي اعتاد فعل الشيء ذاته كـ”المزمر، يموت وأصابعه تتحرك”، مع الاعتذار لكل الشرفاء من المزمرين الذين يقدمون مهنة محترمة يستمتع بها معظم اليمنيين. ولربما هذا المثل ينطبق كليا، على تاجر ومهرب النفط الشهير أحمد صالح العيسي، الذي حظي لسنوات بصفقات الفساد، والذي لم يجد حرجا من استمراره في ممارسة أنشطته الفاسدة والمخالفة للقانون.

“أحمد العيسي”، أحد أبرز رجال الأعمال النافذين في اليمن، والذي شارك في صفقات فساد مع بعض من مسؤولي الدولة ورموز فسادها السابقين، وفي أغسطس الفارط، قام بمحاولة لممارسة العبث بسوق المشتقات النفطية من خلال تفريغ إحدى ناقلاته البحرية في منشأة “رأس عيسى” والتي كانت تبلغ حمولتها حوالي ستة آلاف طن. بعد أن كان اتفق مع بعض التجار على أن يقوم بتوفير الديزل لهم بسعر 185 ريالا للتر الواحد، ضاربا بكل القرارات والتوجيهات الرئاسية، عرض الحائط، والتي تعطي لشركة النفط اليمنية الحق في أن تكون القناة الوحيدة المؤهلة للبيع المباشر.

لكن المفاجأة.. حين كشفت وثائق رسمية – حصلت الهوية على نسخة منها- عن عملية فساد في شركة النفط اليمنية التي أبرمت عقدا مع  “العيسي”، بطريقة غير قانونية وبدون حاجة أو مقتضى له وبتدخل من أحد كبار النافذين وترتب على هذا العقد خسارات مالية فادحة ونهب واضح وصريح للمال العام بالرغم من أن الدولة ليست بحاجة إلى التعاقد مع العيسي أو غيره وبإمكان الدولة القيام بالأعمال بواسطة أسطولها الخاص بالنقل وخزانات التخزين.

حيث تم عقد شراكة بين “أحمد العيسي” وشركة النفط اليمنية لإنشاء شركة ذات مسؤولية محدودة يمنية لتخزين المشتقات النفطية، تسمى شركة رأس عيسى.. لكنه، ومن باب التحايل، فقد جاء في البند الثالث أن غرض الشركة هو تخزين وتجارة المشتقات النفطية، وفيما يدل على أن الغرض من الشراكة هو إعطاء قانونية للعيسي للحصول على حق الاحتكار فقد نص البند الخامس على أن رأس مال الشركة 25 مليون دولار، بحيث تبلغ حصة الطرف الأول العيسي 80 % بمبلغ 20 مليون دولار بينما حصة النفط 20 % بواقع خمسة ملايين دولار يتم دفعها على أربع دفعات وعلى أربع سنوات، ومدة التأجير 25 عاما.. مع إمكانية التجديد لمدة مماثلة كما أعطي للعيسي حق الإدارة والتوقيع، كما فرض على الشركة أن تخزن مشتقاتها في خزانات الشركة وحدد أجور التخزين بـ 13 دولارا للطن في الشهر، وبحيث لا يحق لشركة النفط أن تخزن في مخازن منافسة..

وتجدر الإشارة إلى أن العيسي هو من يحتكر نقل المشتقات النفطية على مستوى الداخل بالتكليف مع أن عقده قد انتهى عام 2013.. لكنه ما زال يحتكر عملية نقل المشتقات في فساد غير مسبوق، حيث يقوم احتساب نقل الطن المتري من مادتي البنزين والديزل بمبلغ 34 دولارا من عدن إلى سقطرى، وبمبلغ 13 دولارا من عدن إلى الحديدة والعكس، بينما ينقل الطن من روسيا إلى عدن أو من هولندا بأربعة دولارات.. كما تقوم شركة النفط بدفع مبلغ التأمين على ناقلاته التي يبلغ عددها 17 ناقلة بواقع 90 ألف دولار شهريا، فيما تعد هذه الناقلات غير صالحة، كما أن نسبة الفاقد من المشتقات تصل إلى 15 %.

وكانت إحدى ناقلاته المسماة “شامبون” تسببت بكارثة بيئية في شواطئ المكلا دون أن يحاسبه أحد، كما أن شركة النفط في المكلا هي من قامت بإصلاح الأضرار وشفط المتسرب من الديزل، وما زال يرفض تسديدها حتى اليوم..

إلى ذلك قامت اللجنة الثورية، أمس الأول، بإيقاف محاولة تجديد عقد نقل واستيراد المشتقات النفطية مرة أخرى بين شركة النفط اليمنية و ” أحمد العيسي ” أحد أبرز رجال الأعمال النافذين في اليمن الذي شارك في صفقات فساد مع بعض من مسؤولي الدولة ورموز فسادها السابقين .

وقال أحد أعضاء اللجنة الثورية، أن اللجنة أوقفت محاولة تجديد العقد ” للعيسي ” مرة أخرى بعد تأكيد اللجنة الثورية رفضها التعامل مع من اشترك في نهب مقدرات الشعب كونه ثبت عنه التلاعب في الكمية والجودة وغيرها مضيفاً أن تكلفة نقل المشتقات لدى شركة العيسي مرتفعة جداً وتصل إلى 12 دولارا للبرميل الواحد من عدن _ الحديدة فيما قال إن تكلفة نقل البرميل الواحد من روسيا إلى عدن تُكلف 8 دولارات فقط .

هذا وكشفت اللجنة الثورية في وقت سابق عن صفقات فساد كبيرة وعمليات اختلاس تصاحب عملية استيراد المشتقات النفطية موضحة أن الأسباب وراء عمليات الفساد في استيراد المشتقات النفطية هي محدودية الشركات المتنافسة في نقل واستيراد المشتقات وعدم فتح باب المنافسة بين الشركات ما جعلها تفرض أسعاراً مرتفعة جداً وأغلى من أسعار البورصات العالمية .

ودعت اللجنة الثورية فتح باب التنافس بما يضمن وجود شركات ذات كفاءة وجودة و أن يُعاد استيراد النفط وفق القانون واللوائح التنفيذية للوزارة شرط أن توضح آلية يضمن الشعب من خلالها عدم التلاعب بالمشتقات النفطية مرة أخرى .

وعبرت اللجنة رفضها استيراد النفط عن طريق رجال الأعمال النافذين الذين اشتركوا مع جنرالات الدولة في صفقات الفساد ونهبوا مقدرات الشعب محملة الحكومة مسؤولية تعاقدها مع الفاسدين .

=—————————————————

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى