تحليلاتعناوين مميزة

إلى “الزعــــيم” و”الســـيد”… “أمين جمعان” الرجل المتهم بالنزاهة لا يحظى باحترام “أبو زعطان” و”الفندم فلتان”

%d8%a7%d8%a7%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%ac%d9%85%d8%b9%d8%a7%d9%86الهوية|خاص.

 

لماذا لم يسأل أحد نفسه، لماذا يراوغ شركاء صنعاء، عن إعلان قرار تعيين “أمين جمعان” أمينا للعاصمة؟!.

بعد ثورة فبراير 2011م، لم ينصدم “أمين جمعان” لا بـ”الثوار”، ولا بالطرف الآخر، مع أن الكثيرين  اعتقدوا بأنه سيعمل على تسخير إمكانيات الدولة بأمانة العاصمة لصالح المؤتمر، ولكن “جمعان” خالف كل التوقعات، وأخذ العصا من المنتصف وظهر ملتزما ومحترما لمنصبه، لم يخن التزامه أمام الله والوطن والشعب.

لقد استمر “جمعان” مع “هادي” إلى أن رحل الأخير، وحين دخلت اللجان الثورية صنعاء2014، وفي نفس الليلة التي قدم فيها الشهيد/عبد القادر هلال، استقالته للسبب الذي ذكره في بيانه يومها، أنه تم توقيف سيارته في نقاط التفتيش التابعة للجان الثورية، وهو ما أعتقد الكثيرون أنه سيحدث فراغا كبيرا، لكن “أمين جمعان” كان حاضرا لينسف كل الاعتقادات حين بادر بالقيام بتسيير الأمور بأمانة العاصمة، وكأن شيئا لم يكن.

ما فعله “جمعان” فعله بمسؤولية، لم يرفع الصرخة، ولم يطبل لا لـ”مشرف” ولا لـ”زعيم” ولا لـ”سيد”، لقد استمر في عمله في أصعب وأحلك الظروف، وقام بمهام أمين العاصمة إلى أن رجع الشهيد هلال عن استقالته، ولم يتقاعس بعدها، حيث استمر بجانب الشهيد هلال، إلى أن استقرت الأوضاع نسبيا بأمانة العاصمة صنعاء.

وحين حاول البعض السيطرة على أمانة العاصمة، بقرارات من أمين العاصمة الشهيد هلال، وبالرغم أن “جمعان” كان له القدرة على مواجهتها إلا أنه فضل عدم الإنصدام بهم، بل وجدها فرصة ليأخذ لنفسه إجازة ويسافر إلى خارج اليمن لمتابعة شركاته، وهي الإجازة التي استمرت إلى أن أصدر رئيس اللجان الثورية حينها، دعوة إلى جميع من في الخارج من رجال الدولة والمسؤولين بالعودة إلى وظائفهم خلال 30 يوما، ما لم فإنه سيتم التغيير واستبدالهم بآخرين.

وبالرغم مما لقيه “أمين جمعان” من تعقيدات وتصرفات غير مسؤولة قبل سفره، إلا أنه سارع بالعودة إلى صنعاء بعد قرار سلطة الأمر الواقع، وعاد إلى عمله وهو مدرك أنه سيحاط بالمضايقات من شركاء صنعاء، وستلاحقه سكاكين حلفاء الرياض الذين استمر إعلامهم بتنفيذ الحملات الإعلامية والدعائية ضد “جمعان” وتهديده بتجميد شركاته، وبالرغم من هذا كله لم يخنع أو يستسلم لأحد، ليضع خدمة الوطن أول اهتماماته واستمر موظفا في الدولة التي يشهد له الجميع أنه يخدمها بشرف وعفة ونزاهة، فلم ينهب أموال الدولة، أو حتى يسخر منصبه الوظيفي لتوظيف أقاربه، أو غير ذلك مما صار عملا روتينيا يمارسه الفاسدون في كل أركان الدولة.

 

لقد أتهم “أمين جمعان”، بأنه من حاشية “أحمد علي”، نجل “صالح”، إن كان كذلك، أين المنصب أو المال الذي حصل عليه من “أحمد علي”؟!!.. أليس “أمين جمعان” منتخبا، وصل إلى منصبه عبر انتخابات المجالس المحلية، ولم يحتاج إلى قرار أو وساطة في ذلك؟. أما الجانب المادي، فمعروف أن “أمين” جاء من أسرة ثرية، وما يمتلكه من ثروة وشركات حصل عليها من والده، من قبل أن يحضر “أحمد علي” في المشهد اليمني، ولكن وبالرغم من أن هذه التهمة ساذجة للغاية، إلا أنها لم تترك “أمين جمعان”، حيث تم ملاحقته بها أيضا مع “جلال هادي”.

وربما لأن “أمين جمعان” يحب أن يكون وسطيا لا ينحاز إلى أي جهة كانت، فقط يكتفي بهويته اليمنية والوطنية، فإن هذا يجعله لا ينال رضا كل الأطراف المتصارعة، حيث أن كل هذه الأطراف يبدو أنها مصابة بعاهة (من ليس معي، فهو ضدي)، ولذلك نلاحظ أن التهمة التي توجه له ثابتة، فقط ما يتغير فيها إلا الجهة السياسية التي يتهمون “أمين جمعان” بالانتماء والولاء لها، حيث كانت آخر الاتهامات هي أنه ينتمي إلى “أنصار الله”، وهذه التهمة ليست عيبا، ولكنها كذبة، ومن يسوقونها يعرفون ذلك أكثر من غيرهم، والذين ما كان لهم أن يتهموه بها لولا أنه في عهد “أنصار السيد”، لم يتذمر “أمين جمعان” ووقف في مكان عمله كموظف يحمل مسؤولية وطنية، ولم يتم تعيينه بقرار من “اللجان الثورية” أو حتى دعمه على اعتبار أنه لم يتخل عن أمانة العاصمة بل ما حدث هو العكس، حيث تم التضييق عليه، ومع ذلك لم يخن البلاد واستمر في عمله إلى اليوم.

ربما أن هذا كله يجعلنا نلح في تساؤلنا، لماذا يراوغ شركاء صنعاء، عن إعلان قرار تعيين “أمين جمعان” أمينا للعاصمة؟!!. أعتقد أن ما من سبب لذلك، إلا أن مشكلة “أمين جمعان” أنه رجل أعمال، ومن كبار الأسر التجارية على مستوى اليمن، وليس له أي صلة بالنهب والتقاسم مع الساسة، أيضا فإن ما يزيد من تعقيد مشكلة “أمين جمعان” هو أنه شاب لا يحب التطبيل في مجالس “أبو زعطان” أو “الفندم فلتان”، كما أن “أمين جمعان” ليس باستطاعته أن يكون عبدا يلهث بعد الساسة ومراكز القوى ليتوددهم، ولهذا من الطبيعي أن لا يحظى “جمعان” أكان بالسابق أو الآن، بما حظي به جميع زوار “أبو زعطان” و “الفندم الذين باتوا وزراء وغيرهم ممن حصلوا على قرارات تعيين في أماكن كبيرة، وليس ما يؤهلهم لشغلها إلا الولاء الشخصي، ومن بعده الأسري، ومن بعده المكون أو الحزب السياسي.

أعتقد أن “أمين جمعان” وغيره كثيرون، سيسقطون إن راهنوا على القرارات التي تصدر من قيادات عقيمة لا تؤمن بمفاهيم الولاء الوطني، وعلى “أمين” ومن هم على شاكلته أن ينتظروا إما لصحوة البعض من الساسة الذين يدركون معنى الكفاءة ورجل الدولة، أو الانتظار أيضا ولكن للانتخابات التي يكون فيها الشعب هو الميزان وصاحب القرار، والتي تكشف الصالح من الطالح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى