مساحات رأي

أنصار الله” و”الزعيم” الحرب المؤجلة

download (49)بقلم / محمد علي العماد

عام من العدوان الذي لم يترك شيئا في اليمن إلا وأتى عليه، أفرط في وحشيته فلم يفرق بين ما هو مدني وما هو عسكري، وتحت تأثير عقاقير العدوانية تخلى عن الإنسانية وجعل من الشجر والحجر والبشر، وكل ما له علاقة باليمن هدفا عسكريا.

عام من العدوان مضى، وليس من الحكمة الاكتفاء بالنواح على ما حل بنا، إذ لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب، بقدر ما نجد الفائدة الكبرى تكمن في الدروس السياسية التي من المفترض أن يكون عام العدوان قد جعل “أنصار الله” يفهمون كل طلاسمها.

من وضع مخططات العدوان، ربما لم يكن يسعى لإطالة العمر السياسي لـ”أنصار الله”، بقدر ما كان يعمل على إعادة تدوير “صالح”، وبحسب ما كان يريده بعض اللاعبين في دول الخليج حينها، ومنذ عهد الملك السعودي الراحل “عبد الله”، فأصحاب العدوان غضوا الطرف عن “أنصار الله” حتى وصلوا صنعاء، وما بعد صنعاء، إذ كانوا يتلذذون وهم يشاهدون “الإخوان” يدفعون ثمن غيهم السياسي، حين يتساقطون في شباك الذل تحت أقدام “الحوثيين”، الذين خطط لأن تنتهي مهمتهم هنا، قبل أن يجد “أنصار الله” أنفسهم غارقين في وحل مؤسسات الدولة، حينها، سيتم إسقاطهم كما فعل “الإخوان” حينما أسقطوا “المؤتمر” ومؤسسات الدولة إبان الربيع العربي.

لكن ما حدث يبدو أنه تجاوز حدود تفكير مخططي العدوان على اليمن، فعام من العدوان أثبت “أنصار الله”، أن الصمود خلق على هيئتهم، وفي الجبهات اثبتوا أنهم ليسوا مليشيات فلا نظير لقوتهم وبأسهم، وحتى شياطين داعش ولت الأدبار هربا من حسهم الأمني، ليثبت “أنصار الله” أنهم وسام شرف للسلام، والسلام شرف بأيديهم.

بعد عام من العدوان، يلاحظ أن مشرفي “أنصار الله” ومجلسهم السياسي، لم يدركوا جيدا كيف يتم التعامل مع الآخرين، وكيف تدار الدولة برجال دولة، وليس بأدوات الآخرين المستهلكة وسابقة الاستخدام، خاصة أن هذه الطريقة تحسب عليك أية أخطاء يرتكبها المستخدم، وإن أصاب حسبت له منجزات، وبالنظر إلى من تبقى في مؤسسات الدولة، نجد أن الأغلبية الساحقة هم رجال “صالح” الذين استأجرهم “الأنصار” لعام.. اليوم عادوا، لكن بلباسهم القديم.

عام من العدوان، فيه كثير من الدروس، فهل سيتعظ “أنصار الله” منها ويسقطوا من حاول وعمل على افشالهم من داخل الداخل؟.. وهل يدركون بأن الأدوات المستخدمة شرها أكثر من خيرها؟.. وهل لديهم القدرة على التأقلم السريع في التعاطي مع الكيفية التي تدار بها الدولة.

بعد عام من العدوان خرج “صالح” إلى جمهوره ليثبت للخليج “أنا وقواعدي هنا، ومن هم في قصوركم كانوا عبيدا لي، واليوم يدي ممدودة لكم، فهل أنتم عاقلون”.

عام من العدوان، ربما تسبب في التأخير من عودة “صالح” إلى الحكم، والذي كان يريد أن يدشنه قبل العدوان الذي لخبط أوراقه، ولكنه سرعان ما عاد اليوم ليبدأ مباشرة مشروع عودته، ففي الوقت الذي بعث فيه برسالة سياسية مبطنة إلى دول الخليج، وربما بأشد حدة منها بعث بمثلها لـ”أنصار الله” وكما لو أنه أراد أن يقول لهم: “لا تفكروا بأني سأتعامل معكم بشكل جديد، أو بمصطلحات مسيرتكم، فلتتأكدوا بأن لا أحد يجاريني في السياسة، وتاريخي يشهد مع الناصريين والاشتراكيين والإصلاح، واليوم فليشهد السبعين بيني وبينكم”.

وبهكذا يبدو أن المشهد الذي ودعنا به عام الصمود، رسم لنا ملامح العام القادم، عام ربما ستكون أفواه الساسة أكثر تأثيرا من أفواه البنادق، خاصة، إذا عادت الأمور إلى ما كانت عليه قبل عام، كعودة الحوار للجميع، وعودة “صالح” أيضا للمخطط الذي كان بدأه العام الماضي، بإعلان مسيرة جماهيرية لنجله في ميدان السبعين، والتي تأجلت إلى اليوم وأعيد انتاجها باسمه… فهل يدرك “أنصار الله” كل ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى